للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الشورى عن المؤمنين وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ مذكور بين الصلاة والزكاة، وهما فريضتان، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بالنسبة لغيره.

وإذا استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو خلفاؤه، أو أمراء المسلمين، فهل النزول على رأي الأكثرية واجب أم لا؟ وهذه مسألة عصرنا التي طرحها بعضهم تحت عنوان: هل الشورى ملزمة أم معلمة، فيما لا نص فيه مما يدخل في دائرة الاجتهاد الحياتي؟ والذي أراه في هذه القضية أن الشورى إذا أعطيت لأهلها، فإن رأي أكثريتهم في هذه الحالة ملزم. ويشهد لهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد لأبي بكر وعمر «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما»، وما رواه ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم فقال: «مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم» ولم يعرف قط أن خليفة راشدا طرح مسألة على الشورى ثم ترك رأي الأكثرية إلا في قضية اتضح له فيها نص، كما فعل أبو بكر في موضوع الردة، ويشهد لما ذهبت إليه قول الحنفية: ويجب طاعة الأمير إلا إذا

رأى الأكثر أنه ضرر فيتبع.

والأمير الذي يعطل الشورى أو لا يعطيها لأهلها، أو لا ينزل على رأي أكثرية أهلها أمير لا يقود إلا إلى الدمار. على أن للأمير أن يطرح أمرا ما على دائرة أوسع أو أعلى حال الاختلاف إذا كان بالإمكان ذلك.

٤ - قال النسفي: «في الحديث: ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم». ومعنى شاورت فلانا: أظهرت ما عندي وما عنده من الرأي. وشرت الدابة: استخرجت شريها، وشرت العسل: أخذته من مأخذه، وفيه دلالة جواز الاجتهاد، وبيان أن القياس حجة» اهـ.

وإذن فأدب المسلم الاستشارة، وأدب القائد الاستشارة، وأدب الخليفة الاستشارة، ومن ثم قال عليه السلام مؤدبا من يستشار «المستشار مؤتمن» وهو حديث حسن رواه أبو داود وغيره وقال: «إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه» رواه ابن ماجه.

[كلمة حول محل هذه الآية في السياق]

هذا المقطع كله في سياق قصة أحد، ودروسها، وفي سياق عدم متابعة الكافرين في الحسرة على من يقتل أو يموت؛ تصورا منهم أن القتال أو غيره يقرب أجلا. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>