للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي للحالة التي هي أقوم الحالات وأسدها، أو للملّة التي هي أقوم، أو للطريقة التي هي أقوم في كل شئ، في العقائد والأخلاق،

والسلوك، والعبادات، والتشريع وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً أي الجنة

وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا أي أعددنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً يعني النار. وقد بينت الآيتان خصيصة من خصائص القرآن، هو أنه يهدي لأقوم الطرق، وأوضح السبل، مع التبشير والإنذار، وهذا مظهر من مظاهر إعجازه. إذ تحدث عن كل شئ فهدى فيه إلى أقوم ما يمكن أن يكون فيه، بأسلوب التبشير والإنذار، فأي كتاب يمكن أن يكون كذلك؟ وكيف يكون كذلك لولا أنه من عند الله وبعد أن بيّن الله عزّ وجل خصيصة من خصائص كتابه بين خصيصة من خصائص الإنسان

وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ أي ويدعو الإنسان الله عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وما له وولده، كما يدعو لهم بالخير، أو يطلب النفع العاجل وإن قلّ، بالضرر الآجل وإن جلّ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا أي يتسرع إلى طلب كل ما ينفع مما يخطر بباله، ولا يتأنّى فيه تأني المتبصر، وهذا الإخبار من الله عزّ وجل في هذا المقام عن عجلة الإنسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله بالهلاك والدمار واللعنة، واستعجاله الأمور قبل أوانها، إشارة إلى أن هذا الخلق يعكر الاهتداء، كما أنه إشارة إلى قصور الإنسان ونقصه الذي يحتاج معه إلى تربية وهداية، كما أنه إشارة إلى بعض العوامل التي تبعده عن سلوك طريق الإسلام كالغضب والاستعجال، فإنهما قد يحملانه على سلوك طريق ينفس به عن حقد أو يظنه الأقرب إلى تحقيق الغاية فيترك الإسلام. ومجئ هذا الكلام بعد الكلام عن المسجد الأقصى وبني إسرائيل مربّ وموجّه، فمن الملاحظ في عصرنا أن الحقد على عملية الاحتلال الصهيوني والاستعجال في إنهاء الاحتلال جعلت كثيرا من المسلمين يتخلون عن طريق الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>