للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك لَمُبْلِسِينَ أي آيسين

فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ أي المطر كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بالنبات وأنواع الثمار بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ أي الله لَمُحْيِ الْمَوْتى يعني أن ذلك القادر الذي يحيي الأرض بعد موتها هو الذي يحيي الناس بعد موتهم. فهذا استدلال بإحياء الموات على إحياء الأموات وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي وهو على كل شئ من المقدورات قادر، والبعث من جملة المقدورات بدليل الإنشاء

وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ أي فرأوا أثر رحمة الله، لأن رحمة الله هي الغيث، وأثرها النبات مُصْفَرًّا أي فرأوا النبات مصفرّا بعد اخضراره، أو فرأوا السّحاب مصفرا، لأنّ السّحاب الأصفر لا يمطر لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد اصفراره يَكْفُرُونَ أي يجحدون ما نقدم إليهم من النعم.

قال النسفي: (ذمّهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم المطر قنطوا من رحمته، وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته، ورزقهم المطر، استبشروا، فإذا أرسل ريحا فضرب زروعهم بالصفار ضجوا، وكفروا بنعمة الله فهم في جميع هذه الأحوال على الصفة المذمومة، وكان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله فقنطوا، وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها ففرحوا، وأن يصبروا على بلائه فكفروا).

فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى أي موتى القلوب. فكأن هؤلاء في حكم الموتى، فلا تطمع أن يقبلوا منك وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ أي النداء إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ إذا ذهبوا معرضين. قال النسفي: (فإن قلت: الأصم لا يسمع مقبلا أو مدبرا فما فائدة هذا التخصيص؟ قلت: هو إذا كان مقبلا يفهم بالرمز والإشارة، فإذا ولّى لا يسمع ولا يفهم بالإشارة)

وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ أي عمى القلوب عَنْ ضَلالَتِهِمْ التي هم عليها إِنْ تُسْمِعُ أي ما تسمع إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا أي القرآن فَهُمْ مُسْلِمُونَ أي خاضعون منقادون مستجيبون مطيعون، فأولئك هم الذين يسمعون الحق ويتّبعونه. وهذا حال المؤمنين. والأول مثل الكافرين.

كلمة في المقطع الثالث والسياق: [حول صلة المقاطع الثلاثة الأولى ببعضها وصلة المقطع الثالث بالمقطعين الثاني والرابع]

١ - نلاحظ أنّ الآية الأولى في المقطع الذي مرّ معنا متصلة المعنى بالآية التي قبل الأخيرة من المقطع السابق عليه. فالآية قبل الأخيرة من ذلك المقطع هي:

وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>