يسمع أولهم وآخرهم- إن الله وعدكم الحسنى وزيادة. فالحسنى الجنة. والزيادة النظر إلى وجه الرحمن عزّ وجل»
روى ابن جرير ... عن عطاء بن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال:«الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله عزّ وجل» ورواه ابن أبي حاتم أيضا.
[كلمة في السياق]
١ - نلاحظ أن من أهم ما انصب عليه الكلام في هذا المقطع قضية العبادة لله؛ ففي الآية الثالثة ورد قوله تعالى ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ وفي الآية الثانية عشرة ورد قوله تعالى وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ... وذلك في سياق مناقشة المنكرين للوحي، والحكمة في ذلك- والله أعلم- أن السياق يقيم الحجة على ضرورة بعثة الرسل، من خلال أمور متعددة أحدها: أن عبادة الله وحده ضرورية لا بد منها، وأن طريق معرفة ذلك الوحي وبعثة الرسول.
٢ - ونلاحظ ملاحظة رئيسية في السياق وهو أن النقاش منصب على المشركين، والحجج تتلاحق ضدهم مرة بعد أخرى، والسبب واضح، لأن التعجب من أن ينزل الله وحيا ويبعث رسولا لا يكون من أهل الكتاب؛ لأنهم يؤمنون بالنبوة والوحي، ولا يكون من ملحد؛ لأنه لا يؤمن بوجود الله أصلا، فلا يكون إلا من مشرك إذن، ومن ثم نجد إنكار فكرة النبوة يظهر في البيئات المشركة، وعلى هذا نجد أن السياق يقيم الحجة تلو الحجة على المشركين في هذا المقطع، ألا أن من مظاهر العظمة في هذا القرآن أنه- وهو يناقش المشركين أو الكافرين- يذكر ويربي المؤمنين، فالسياق القرآني يؤدي دورا ودورا وأدورا، فهو يؤدي دوره في إقامة الحجة العقلية، ويؤدي دوره في التربية السليمة، ويؤدي دوره بما يسع المكان، وبما يسع الزمان، وبحيث يجد أهل كل جيل وأهل كل مكان وكأن القرآن أنزل لهم خاصة، فإذا اتضح هذا فلننتقل إلى المجموعة الأخيرة في هذا المقطع التي تنهي مناقشة الذين تعجبوا أن يكون الله قد أوحى إلى أحد من خلقه، وهي المجموعة السادسة في هذا المقطع.
وتتميز المجموعة بأنها تأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيب أجوبة مباشرة، وأن يناقش مناقشة مباشرة لهؤلاء الذين ينكرون الوحي، ولذلك نجد أن كلمة (قل) تتكرر كثيرا