للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كان كذلك تستحق له العبادة بالصلاة ويجب أن يطاع بالإنفاق مما رزق وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وكل ذلك فيه رزق لكم فاشكروه بالصلاة والإنفاق مما رزقكم

وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ أي يدأبان في حركتهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات، وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات، وهذا كله يقتضي شكرا بالصلاة والإنفاق وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان لمعاشكم وسباتكم

وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ أي وهيأ لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم، فهو يعلم احتياجكم قبل خلقكم، ويعلم ما تسألونه قبل وجودكم، فخلقه وسهله لكم وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها أي لا تطيقون عدها، وبلوغ آخرها، حتى على سبيل الإجمال، فكيف على سبيل التفصيل إِنَّ الْإِنْسانَ المراد به الجنس لَظَلُومٌ يظلم النعمة بإغفال شكرها كَفَّارٌ شديد الكفران للنعمة، أو ظلوم في الشدة يشكو ويسخط، كفار في النعمة يجمع ويمنع.

ثم بعد هذه الآيات ستأتي آيات تحدثنا عن إبراهيم عليه السلام ودعائه للبلد الحرام بتجنيبه الأصنام، وغير ذلك من دعواته كما سنراها، فما صلة ذلك بالآيات قبلها:

إذا تذكرنا بداية هذه المجموعة أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً ... وأن المفسرين يحملون هذا- كما سنراه- على أهل مكة، أدركنا الصلة بين قصة إبراهيم عليه السلام وما سبقها، وإذا رأينا من دعاء إبراهيم رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ....

ورأينا فيما مر قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ... عرفنا الصلة بين ما مر وما سيأتي، وإذا رأينا في كلام إبراهيم وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ وتذكرنا قوله تعالى فيما مر وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ... أدركنا كذلك الصلة بين الفقرتين، فإذا تأملنا هذه المجموعة كلها من آخرها فما سبقه، من قصة إبراهيم عليه السلام، إلى نعم الله في السموات والأرض، نعرف كيف أن زعماء مكة بدلوا نعمة الله كفرا وأشركوا به، وكيف أن الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله بالصلاة والإنفاق هو وضع للأمر في نصابه الصحيح الذي رغب فيه إبراهيم عليه السلام، وإنما فصلنا بهذه الكلمة بين الفقرتين في المجموعة السادسة ليقبل القارئ وفي ذهنه صورة عن صلة قصة إبراهيم عليه السلام بما قبلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>