الإيمان والطاعة، وإخلاص النيّة لَكانَ الصدق خَيْراً لَهُمْ عند الله من كراهة الجهاد وتركه.
كلمة في السياق:[حول علامات النفاق وآداب القتال]
دلّنا النص على أن من علامات النفاق خوف الجهاد، والرغبة عنه، والفرار من تكاليفه، كما دلّنا على أن أدب المسلم استقبال الأمر بالجهاد بالطاعة والكلمة المستقيمة، ثم بالمزاولة العملية له إذا جاء حينه، مع الصدق مع الله في ذلك، وهكذا عرفنا من سياق السورة: أن قتال أعداء الله واجب، وعرفنا علّة ذلك وحكمته، وعرفنا أن الله ناصرنا إن نصرناه، وعرفنا أن من آداب القتال: الإثخان، وإخلاص النية لله، والتوحيد الخالص، والاستغفار، وتلقي أمر القتال بالطاعة، والكلمة الطيبة، والصدق مع الله إذا جاء، وكل ذلك عرفناه من خلال عرض خصائص الإيمان، ومواصفات الفسوق، ومن السياق عرفنا أن وجود كفر وإيمان يقتضي قتالا، ومن ثم فرضه الله، ثم تأتي آيتان تبينان ماذا يعني ترك القتال؟ وما عقوبة ذلك؟ ثمّ تأتي آية تحضّ على تدبّر القرآن، ممّا يفهم منه أن تدبّر القرآن هو الطريق لوجود المقاتل:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ قال ابن كثير: أي: عن الجهاد ونكلتم عنه أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ قال ابن كثير: (أي أن تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء، تسفكون الدماء، وتقطّعون الأرحام).
أُولئِكَ أي:
الذين يفعلون هذا الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أي: أبعدهم من رحمته فَأَصَمَّهُمْ عن استماع الموعظة وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ عن إبصارهم طريق الهدى
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ فيعقلون أحكامه وحكمها فيفهمون ويعملون أَمْ أي: بل عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها قال النسفي: وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تتفتح نحو الدين، والختم هو الطبع. قال ابن كثير: أي بل على قلوب أقفالها، فهي مطبقة لا يخلص إليها شئ من معانيه.