للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهل القبور، أو فاستغيثوا بأهل القبور». وكل ذلك بعيد عن الحق بمراحل». وبهذه المناسبة تكلّم الألوسي كلاما طويلا في تحقيق الحقّ في هذه المسألة وغيرها من وجهة نظره وبعد أن أجاز التوسّل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيا وميتا وعلّل لذلك، مع ترجيحه التوسّل بأسماء الله تعالى وتفضيله إياه- والقضية كما نعلم فيها كلام كثير- بعد هذا كلّه قال:

«إن النّاس قد أكثروا من دعاء غير الله تعالى من الأولياء، الأحياء منهم والأموات، وغيرهم، مثل يا سيدي فلان أغثني، وليس ذلك من التوسل المباح في شئ، واللائق بحال المؤمن عدم التفوّه بذلك، وأن لا يحوم حول حماه، وقد عدّه أناس من العلماء شركا، وإن لا يكنه، فهو قريب منه، ولا أرى أحدا ممن يقول ذلك إلا وهو يعتقد أن المدعوّ الحي الغائب- أو الميت المغيب يعلم الغيب- أو يسمع النداء ويقدر بالذات، أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى، وإلا لما دعاه. ولا فتح فاه وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ*. فالحزم التجنب عن ذلك، وعدم الطلب إلا من الله تعالى القوي الغني، الفعال لما يريد. ومن وقف على سر ما رواه الطبراني في معجمه من أنه كان في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم منافق يؤذي المؤمنين، فقال الصديق رضي الله تعالى عنه: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من هذا المنافق فجاءوا إليه، فقال: «إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله تعالى». لم يشك في أنّ الاستغاثة بأصحاب القبور- الذين هم بين سعيد شغله نعيمه وتقلبه في الجنان عن الالتفات إلى ما في هذا العالم، وبين شقي ألهاه عذابه وحبسه في النيران عن إجابة مناديه والإصاخة إلى أهل ناديه- أمر يجب اجتنابه ولا يليق بأرباب العقول ارتكابه، ولا يغرنّك أن المستغيث بمخلوق قد تقضى حاجته، وتنجح طلبته، فإن ذلك ابتلاء وفتنة منه- عزّ وجل- وقد يتمثل الشيطان للمستغيث في صورة الذي استغاث به، فيظن أن ذلك كرامة لمن استغاث به، هيهات هيهات إنما هو شيطان أضله وأغواه، وزيّن له هواه، وذلك كما يتكلم الشيطان في الأصنام ليضل عبدتها الطغام، وبعض الجهلة يقول: إن ذلك من تطور روح المستغاث به، أو من ظهور ملك بصورته كرامة له ولقد ساء ما يحكمون، لأن التطور والظهور وإن كانا ممكنين لكن لا في مثل هذه الصور وعند ارتكاب هذه الجريرة، نسأل الله تعالى بأسمائه أن يعصمنا من ذلك. ا. هـ كلام الألوسي.

نقل: [عن صاحب الظلال حول آية السرقة]

بمناسبة قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما .. يقول صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>