للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام وحقيقة الاختلاف فيه من قبل، فإن الله- عزّ وجل- يوجه رسوله أنه في حالة محاجة أهل الكتاب له في الإسلام المنزل عليه، وهو خاتم رسل الله المرسل إلى العالمين الذي ألزم الله كل الخلق باتباعه، فإن عليه أن يعلن أنه هو وأتباعه مسلمون وجوههم لله، مخلصون لله عبادتهم. هذا هو الرد الوحيد عليهم، إعلان الإسلام لله ثم دعوتهم إليه فقد أمر الله رسوله عليه السلام أن يدعو إلى طريقه ودينه والدخول في شرعه وما بعثه الله به الكتابيين والأميين من المشركين، ثم بين تعالى أنهم إن

أسلموا وتابعوا اهتدوا، وإن أصروا على ما هم عليه فليس على رسول الله صلى الله عليه وسلم إثم في ذلك، إذ عليه البلاغ وقد قام به، وعلى الله حسابهم، وإليه مرجعهم ومآلهم، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، وهو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة. وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله عليه إلى جميع الخلق كما هو معلوم من دينه ضرورة، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية:

وفي هذا النص بيان أن الإسلام هو الاستسلام لله فيما أنزل، وأن الاختلاف فيما ينزل سببه البغي. فكأن النص يأمر المسلمين أن يستسلموا لله في كتابه- ولرسوله في هديه- وألا يحملهم البغي فيما بينهم على الاختلاف فيه، كما يبين الموقف الأكمل من غير المسلمين إذا أصروا على الرفض واللجاج. وهكذا يكمل هذا النص أدب المسلم مع الكتاب: عمل بالمحكم، واستسلام لله في المتشابه، وعدم الاختلاف فيه بغيا.

[المعنى الحرفي]

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ: إن الدين المقبول عند الله هو الإسلام في كل زمان، وفي كل مكان. وهو الاستسلام لله فيما بعث به رسله من دين هو الإسلام الذي آخر نسخة منه هو الإسلام الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وجعله ناسخا وخاتما وكلف به العالمين. وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ من اليهود والنصارى فيما بينهم، وفيما بين بعضهم بعضا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ الواضح المتضح الذي لا شبهة فيه ولا غموض. بَغْياً بَيْنَهُمْ أي حسدا بينهم، وطلبا منهم للرئاسة، وحظوظ الدنيا، واستتباع كل فريق ناسا. أي ما كان اختلافهم إلا أثرا عن ظلمهم بسبب هذه الأشياء، وإلا فالحق أوضح من أن يختلف فيه. وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ أي بحججه ودلائله، فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أي سريع المجازاة.

فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>