الفقرة الأولى من المقطع، ثمّ تأتي الفقرة الثانية التي تبدأ بقوله تعالى فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وقد مرّت معنا من الفقرة الثانية ثلاث مجموعات، والملاحظ أن المجموعة التي ستأتي معنا لها صلة ببداية الفقرة، فلقد جاء في بداية الفقرة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلنر المجموعة الرابعة من الفقرة الثانية من المقطع:
[تفسير المجموعة الرابعة من الفقرة الثانية]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ قال ابن كثير: يقول تعالى:
ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذّبين بآيات الله، ويجادلون بالباطل كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ أي: بالقرآن وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا أي: من الهدى والبيان فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ قال ابن كثير: (هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد من الرب جل جلاله لهؤلاء)
ثم بيّن متى سيكون هذا العلم فقال إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ أي: إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم يُسْحَبُونَ أي: تسحبهم الزبانية على وجوههم
فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ قال ابن كثير: تارة إلى الحميم، وتارة إلى الجحيم. والحميم هو: الماء الحار، والجحيم:
النار، وسجر التّنور معناه: ملأه وقودا، ومعنى أنهم يسجرون أي أنّهم في النّار، فهي محيطة بهم، وهم مسجورون بالنّار، ومملوءة بها أجوافهم
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ على وجه التقريع والتوبيخ والتحقير والتصغير، والتهكم والاستهزاء بهم، والقائل هم خزنة جهنم أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: الأصنام التي كنتم تعبدونها قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي: ذهبوا فلم ينفعونا، أو غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا ننتفع بهم بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً أي:
تبيّن لنا أنّهم لم يكونوا شيئا، وما كنا نعبد بعبادتهم شيئا، وقد يكون المراد جحودهم لعبادة غير الله كذبا منهم، كعادتهم الكذب في الدنيا ...
كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ أي: مثل ضلال آلهتهم عنهم في الآخرة، يضلهم الله عن الحق في الدنيا، بجدالهم في آيات الله، أو كما أضل هؤلاء المجادلين، يضل سائر الكافرين الذين علم منهم اختيار الضلال على الدين الحق
ذلِكُمْ العذاب الذي نزل بكم بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ أي: بسبب ما كان لكم من