للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهُدى. أي: وحده وما وراءه ضلال وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ. أي: قل إن هدى الله هو الهدى، وقل أمرنا لنسلم أي: لأن نسلم لرب العالمين

وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ. أي: وأمرنا لأن نقيم الصلاة فصار المعنى: وأمرنا للإسلام ولإقامة الصلاة وكذلك وَاتَّقُوهُ. أي: وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في كل الأحوال وَهُوَ

الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

. أي: يوم القيامة، أمر أولا بالإعلان عن أنه لا هدى إلا هدى الله، وأن يعلن عمّا أمر به من إسلام لله، وإقام صلاة، وتقوى، وأن يعلن أن مرجع الخلق إلى الله، وهذه أمهات الهدى، فمن لم يحقق هذه في نفسه فإن أصل الهداية لم يتحقق به، ومن هنا نعلم أن كل ما عليه الخلق من غير الإسلام ضلال

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ. أي: بالحكمة أو المعنى خلقها محقا وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ اليوم هنا بمعنى الحين والمعنى أنه خلق السموات والأرض بالحق والحكمة، وحين يقول لشئ من الأشياء كن فيكون ذلك الشئ قَوْلُهُ الْحَقُّ.

أي: الحكمة. أي: لا يكون شيئا من السموات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ الصور: القرن بلغة اليمن، والمعنى: أن الملك له وحده يوم ينفخ في الصور، وله الملك في كل حين ولكنّه هناك لا ينازعه منازع عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ. أي: عالم السرّ والعلانية، عالم الظاهر والباطن، عالم ما غاب عن العباد وما هو مشهود لهم وَهُوَ الْحَكِيمُ في الإفناء والإحياء الْخَبِيرُ بالحساب والجزاء. وبهذا انتهى المقطع.

[فوائد]

١ - [تعليق صاحب الظلال حول الآية (٦٨)]

بمناسبة قوله تعالى: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وما جاء قبلها من نهي عن مخالطة الذين يخوضون بآيات الله يقول صاحب الظلال:

وقد جاء في قول القرطبي في كتابه «الجامع لأحكام القرآن» بصدد الآية:

«وفي هذه الآية ردّ من كتاب الله- عزّ وجل- على من زعم أن الأئمة الذين هم حجج وأتباعهم لهم أن يخالطوا الفاسقين، ويصوّبوا آراءهم تقية .. ».

ونحن نقول: إن المخالطة بقصد الموعظة والتذكير وتصحيح الفاسد والمنحرف من آراء الفاسقين تبيحها الآية في الحدود التي بينتها. أما مخالطة الفاسقين والسكوت عما يبدونه من فاسد القول والفعل من باب التقية فهو المحظور. لأنه- في ظاهره- إقرار

<<  <  ج: ص:  >  >>