للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يستطيعون وفاء. فإما أن يثوروا، ويقتلوه، وينهبوا ماله. وإما أن يصبحوا أجراء، عبيدا عنده. وفي كل حالة فإن المسألة، هكذا. المستدينون بالربا يكدحون، ويشقون، ليملئوا خزينة المرابي، فإذا ما طبقنا هذا على مستوى عالمي كبير، أو على مستوى صغير نجد أن مآل الربا خطير، عدا عن كونه يمثل تصرفا وحشيا من قبل المرابي إذ لا يستقرض الإنسان بالربا إلا وهو محتاج. وقد استغل المرابي احتياج هذا الإنسان بوحشية وجشع وطمع، بدلا من أن يرحمه فيساعده، أو يقرضه. أو على الأقل أن يتعامل معه بمنطق المضاربة، أو السلم كما سنرى. ومن ثم فقد حرم الربا في الإسلام تحريما قطعيا. وقد رأينا أن أدنى أبوابه، كأن يزني الرجل بأمه. وفي الحديث: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم، أشد من ستة وثلاثين زنية». أخرجه الإمام أحمد والطبراني في الكبير.

[المعنى الحرفي للمجموعة الأولى]

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إذا بعثوا من قبورهم. إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ: المس: الجنون. والخبط: هو الضرب على غير استواء، كخبط العشواء. والمعنى: أنهم يقومون يوم القيامة مختلين كالمصروعين. تلك سيماهم، يعرفون بها عند أهل الموقف. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا أي: ذلك العقاب بسبب أنهم قالوا إنما البيع مثل الربا. ولم يقل إنما الربا مثل البيع، مع أن الكلام في الربا لا في البيع، لأنه جئ به على طريقة المبالغة. وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا، أنهم جعلوه أصلا، وقانونا في البيع، حتى شبهوا به البيع. وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ، وَحَرَّمَ الرِّبا: هذا إنكار لتسويتهم بينهما. إذ الحل مع الحرمة ضدان. فأنى يتماثلان. وفي هذا النص دليل على أن القياس يهدمه النص. لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم، إحلال الله وتحريمه. فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ أي: فمن بلغه وعظ من الله، وزجر بالنهي عن الربا، فتبع النهي وانتهى، فلا يؤاخذ بما مضى منه. لأنه أخذ قبل نزول التحريم. وأمره إلى الله، يحكم في شأنه يوم القيامة. وليس من أمره إليكم من شئ، فلا تطالبوه به. وفي هذا بعث لهمة هؤلاء كي ينفقوا. وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ أي: ومن عاد إلى الربا

<<  <  ج: ص:  >  >>