للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه المجموعة. والحجج تتلاحق في هذه المجموعة على منكري الوحي والرسالة. فالله عزّ وجل يرزق، ويعطي السمع والبصر، ويعطي الحياة، ويدبر الأمر، فكيف يترك الإنسان بلا هداية. والله يبدأ الخلق ثم يعيده، فكيف يكفر الكافرون بالبعث، وكيف بالتالي- يكفرون بالوحي الذي ينذر بالبعث. والله يهدي والأصنام لا تهدي، فكيف تنكر هدايته ولا تتبع. ثم تختم المجموعة بتقرير أن هذا القرآن ما كان ليكون على ما هو عليه لولا أنه من عند الله، وأن من خصائص هذا القرآن التي تدل على أنه وحي، تصديقه للكتب السابقة، وتفصيله لفرائض الله، فالحجة فيه قائمة على أنه وحي الله، وهي بالتالي حجة على كل من ينكر الوحي، إن الحجة في هذا القرآن قائمة، إن في إعجازه، أو في مضمونه. فلنر المجموعة السادسة.

[المجموعة السادسة]

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ بإنزال المطر وما يترتب عليه وَالْأَرْضِ بما أودع فيها أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ أي من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحد الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة؟ أو من يحميهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شئ؟ أو من يملكهما فيعطيهما من شاء من خلقه؟

وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ الحيوان من التراب، والتراب من الحيوان، والعالم من الجاهل، والجاهل من العالم، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ أي ومن يلي تدبير أمر العالم كله؟ فصل ثم أجمل فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ أي فسيجيبونك عن هذا السؤال أن القادر على هذه هو الله، فهم يعلمون ذلك ويعترفون به فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ أي أفلا تخافون منه أن تعبدوا غيره بآرائكم وجهلكم؟ أفلا تتقون الشرك في العبودية إذ اعترفتم بالربوبية. أو أفلا تتقون أن تتصوروا

أنه لا يبعث رسولا ولا ينزل وحيا؟ إن الله الذي هذا شأنه من رزق وعطاء وتدبير- كيف لا يرسل رسولا وينزل وحيا؟ وهكذا أقام الله عزّ وجل الحجة على المشركين في كل مذاهبهم من خلال ما يعترفون به وما يقرون به،

ثم أتم الحجة عليهم فقال:

فَذلِكُمُ اللَّهُ أي من هذه قدرته هو الله رَبُّكُمُ الْحَقُّ أي الثابتة ربوبيته ثباتا لا ريب فيه لمن حقق النظر، وإذ كان هو الرب لأنه الإله باعترافكم، والمعطي باعترافكم، والمدبر باعترافكم، فينبغي أن تكون له العبادة والطاعة، وكيف تعرف العبادة والطاعة له إلا عن طريق رسوله، فكيف تتعجبون أن يرسل رسولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>