وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا فمن بعد يأس الناس من نزول المطر ينزّله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ أي: بركات الغيث ومنافعه، وما يحصل به الخصب قال ابن كثير: أي: يعم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية وَهُوَ الْوَلِيُّ أي: الذي يتولى عباده بإحسانه الْحَمِيدُ أي: المحمود على ذلك، يحمده أهل طاعته، قال ابن كثير: أي: هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم وهو المحمود في جميع ما يقدره ويفعله.
[كلمة في السياق]
١ - جاء قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا بعد قوله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ فهذه الآية تعليل لقبض المطر.
وقبض المطر نموذج لقبض الرزق.
٢ - بدأت المجموعة الثانية بقوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ ... ثم بعد نهاية الفقرة الأولى جاء قوله تعالى: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ ... ثم جاءت الفقرة الثالثة مبدوءة: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ .. وفيها نموذج على لطف الله ثم جاءت الفقرة الرابعة مبدوءة بقوله تعالى:
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا .. وفي هذه البداية نموذج على لطف الله- عزّ وجل-.
وهكذا نجد أن الفقرة الثالثة والرابعة تخدمان في تبيان مظاهر من لطف الله- عزّ وجل- وذكر لطف الله- عزّ وجل- في سياق المجموعة دعوة لإقامة الكتاب والميزان دون خوف على رزق، وبهذا نعلم أن في المجموعة الثانية دعوة لإقامة شريعة الله بذكر كل ما يساعد على ذلك، وتفنيد كل ما يصدّ عن ذلك في سياق الحديث عن- الله عزّ وجل-. إذ كل الأمور منبثقة عن أصل الإيمان بالله ومعرفته، ومن ثم تنتهي المجموعة- كما سنرى- بذكر نموذجين من آياته- عزّ وجل- الدالة عليه، كل منهما مبدوء بقوله تعالى وَمِنْ آياتِهِ ..