وبالبشارات، وبيّن أنه لا أحد أظلم من الكافرين، وقد ختمت الآيات التي مرّت معنا بذكر أنّ أفظع الظلم ظلم الكافرين المفترين على الله، أو المكذبين بآياته؛ ومن ثم فإننا نفهم أن هناك تصورا خاصا للمسلمين حول مفهوم العدل والظلم، يفترق من الأساس مع أيّ تصور آخر في هذا العالم.
٢ - دلّ قوله تعالى: أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً على أنّه يجوز إطلاق اسم الشئ على الله تعالى، فالشئ اسم للموجود، ولا يطلق على المعدوم، والله تعالى موجود ولذلك صح إطلاق لفظ الشئ عليه جل جلاله وسبحانه.
٣ - أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب عند قوله تعالى: وَمَنْ بَلَغَ «من بلغه القرآن فكأنّما رأى النّبي وكلّمه» وأخرج ابن جرير عنه «من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلّى الله عليه وسلّم» وأخرج عبد الرزاق عن قتادة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بلّغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب فقد بلغه أمر الله» وقال الربيع بن أنس: «حق على من اتّبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأن ينذر بالذي أنذر» ولنعد للعرض.
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً. أي: واذكر يوم نحشرهم جميعا ثُمَّ نَقُولُ توبيخا لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا. أي: مع الله غيره أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ. أي: أين آلهتكم التي جعلتموها وزعمتموها شركاء لله
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ. أي: كفرهم يعني: ثم لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم، وقاتلوا عليه، وجادلوا عنه إلا جحوده والتبرؤ منه، والحلف على الانتفاء من التديّن به، أو ثمّ لم يكن جوابهم إلا أن قالوا .... فسمّى جوابهم فتنة؛ لأنه كذب، أو المراد بفتنتهم حجتهم، وقال ابن جرير: والصواب ثم لم يكن قبلهم عند فتنتنا إياهم اعتذارا عما سلف منهم من الشرك بالله إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ هذا قولهم عند ما رأوا مغبة الشّرك، وقد ذكّر الله رسوله به،
ثمّ أمره أن يعتبر فقال: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ. أي: بقولهم ما كنّا مشركين وَضَلَّ عَنْهُمْ.
أي: غاب عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ إلهيته وشفاعته فهم كانوا يشركون بالله؛ زاعمين أن شركاءهم يشفعون لهم فأين مزاعمهم؟ لقد اتضحت لهم الأكاذيب عند ما رأوا بطلانها عيانا.
في الآية الثانية من هذا المقطع أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول: قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ