للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ هل الضمير في (ينصره) يعود إلى الظان نفسه أم إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإذا كان الضمير يعود إلى الظان نفسه فإن الحديث يكون عمن وصل إلى درجة القنوط من النصر، وإن كان الضمير لمحمد صلى الله عليه وسلم يكون المعنى: من كان يظن ألن ينصر الله محمدا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ أي فليمدد بحبل إلى سقف بيته هكذا فسرها ابن كثير وغيره، لأن كل ما علاك في اللغة فهو سماء ثُمَّ لْيَقْطَعْ قال ابن كثير: أي ثم ليختنق به، قال النسفي: أي ثم ليختنق به، وسمي الاختناق قطعا لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ أي في قتل نفسه ما يَغِيظُ أي الذي يغيظه من أوضاع. قال النسفي: وسمي فعله كيدا على سبيل الاستهزاء، لأنه لم يكد به محسوده إنما كاد به نفسه، والمراد ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظ، أقول: وفي هذا المقام تختلف عبارات المفسرين، وما ذكرناه في تفسير الآية هو الذي نرجحه، والمعنى: من ظن أنه لا نصر للإسلام والمسلمين فليتصور أنه شنق نفسه، فهل يترتب على ذلك شئ؟ والمعنى: أنه لا يجوز للمسلم أن يشك في نصر الله، وأن عليه أن يصبر في كل الظروف لأمر الله تعالى

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ أي القرآن آياتٍ بَيِّناتٍ أي واضحات في لفظها ومعناها، حجة من الله على الناس وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ أي يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وله الحكمة التامة والحجة القاطعة، والمعنى: ومثل ذلك الإنزال أنزل القرآن كله آيات بينات واضحات، والحكمة في ذلك هداية من علم الله أنهم يؤمنون، ولذلك أنزل على ما هو عليه.

[كلمة في السياق]

بعد المجموعة التي وصف الله عزّ وجل فيها حال من يعبد الله على حرف ذكر آية مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ والصلة واضحة لأن كثيرين يتركون دعوة الله لاستبطائهم النصر لها، أو يأسهم منها، ومجيء الآية الثانية وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ للإشارة إلى أنه ما من حالة إلا وفي القرآن تفصيلها الواضح، أما صلة الآيتين بمحور السورة فواضح؛ إذ إن استبطاء النصر، أو اليأس من النصر صارفان عن التقوى، والسير إليها، والتحقق فيها، ولنعد إلى التفسير.

...

<<  <  ج: ص:  >  >>