وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ، وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ يقول الله تعالى إخبارا عما أكرم به آدم بعد أن أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس أنه أباح له الجنة يسكن منها حيث يشاء ويأكل منها ما شاء رغدا أي هنيئا واسعا طيبا والجنة هي نفسها دار الثواب وقالت المعتزلة:
كانت بستانا في الأرض لأن الجنة لا تكليف فيها ولا خروج عنها والجواب: إنما لا يخرج منها من دخلها جزاء وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم إليها ليلة المعراج ثم خرج منها، وأهل الجنة يكلفون المعرفة والتوحيد قال ابن جرير:«نهي آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها فأكلا منها ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة، وقد قيل كانت شجرة البر، وقيل كانت شجرة العنب، وقيل كانت شجرة التين، وجائز أن تكون واحدة منها، وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به» اهـ. وقد بين الله عزّ وجل لآدم وزوجته أنهما إذا قاربا الشجرة كانا من الظالمين، لأنه لا ظلم للنفس أعظم من معصية الله، ولا ضرر عليها أعظم من ذنبها، فأي ظلم أكبر من أن تتجاوز ما حد الله لك بعد كل ما أعطاك بلا مقابل منك؟
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها أي عن الشجرة أي فحملهما الشيطان على الزلة بسببها، أي فأصدر الشيطان زلتهما عنها، أو عن الجنة بمعنى أذهبهما عنها وأبعدهما. وزلة آدم بالخطإ في التأويل بحمل النهي على التنزيه دون التحريم. وهذا دليل على أنه يجوز إطلاق اسم الزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقال بعضهم: لا يطلق اسم الزلة على أفعالهم كما لا تطلق المعصية، وإنما يقال فعلوا الفاضل وتركوا الأفضل فعاتبهم ربهم وله عتابهم، أما نحن فقد أدبنا الله بأن نتأدب معهم، وذهب بعضهم أن ما فعله آدم كان قبل النبوة، وبالتالي فلا خدش لموضوع العصمة فيما فعله آدم عليه السلام.
فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ أي من النعيم والكرامة أو من الجنة إن كان الضمير للشجرة في (عنها).