ولا يظنن ظان أن الدخول في الإسلام ينقص من قدر الإنسان بل يكمله. وقد مر معنا من قبل مما له علاقة في محل هذه القصة من السياق ما فيه كفاية.
[بحث مهم في فقه العمل للإسلام]
إن المسلمين مكلّفون بإقامة الإسلام ضمن عالم الأسباب، قد يمدهم الله بالخوارق، ولكن التكليف على أساس عالم الأسباب، وهذا يقتضي من المسلمين أن يوجدوا كلّ الأسباب اللازمة والمستطاعة لإقامة الشئ الذي كلفوا به، فهم مكلّفون أن تكون كلمة الله هي العليا في العالمين، فعليهم أن يعملوا من أجل إيجاد الأسباب التي توصل إلى ذلك، وإذا جرّت فريضة على المسلمين في مكان أو زمان، فعليهم أن يبحثوا، وأن يوجدوا الأسباب اللازمة لإقامتها
لقد رأينا من خلال عرضنا لقصة ذي القرنين أن الله آتاه من كل شئ سببا، وقد رأينا أنه قد اتبع الأسباب الموصلة إلى الغايات فسلكها. وهناك قراءة متواترة بتشديد التاء من قوله تعالى فَأَتْبَعَ فصارت الآية بذلك فَأَتْبَعَ سَبَباً إن هذه القضية يغفل عنها المسلمون كثيرا في عصرنا فلا يسيرون في كثير من الأحيان في الطريق الموصلة إلى الغاية المفروضة، بأخذ كل الوسائل المتاحة والمستطاعة، يدخل في ذلك التقصير في الأخذ بالأسباب نحو إزالة الأوضاع الشاذة، ويدخل في ذلك التقصير في الأخذ بالأسباب نحو إقامة الدولة الإسلامية العالمية إلى غير ذلك.
نقول [من الظلال]:
١ - [بمناسبة قوله تعالى حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ]
عند قوله تعالى حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ قال صاحب الظلال:
(ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق.
وهو يختلف بالنسبة للمواضع. فبعض المواضع يرى الرائي الشمس تغرب خلف جبل.
وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء، كما في المحيطات الواسعة والبحار. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر.
والظاهر من النص أن ذا القرنين غرب حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي- وكان يسمى بحر الظلمات، ويظن أن اليابسة تنتهي عنده- فرأى الشمس تغرب فيه.