آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ كما نجد أن المقطع قد ختم بقوله تعالى وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ
فهذا يؤكد أن مناقشة المنكرين لأصل الوحي إنما هو جسر لإقامة الحجة على المرتابين في هذا القرآن
[المعنى الحرفي لمقدمة السورة وللمقطع الأول من القسم الأول فيها]
الر قد تقدم الكلام عن هذه الحروف أكثر من مرة وأقوى الأقوال فيها: أنها تدل على اسم من أسماء الله، أو صفة من صفاته، أو أنها أسماء للسور التي استهلت بها، أو أنها إشارة إلى التحدي والإعجاز، أو أنها للتنبيه بين يدي المعاني، أو أنها مفاتيح لجرس السورة ونغمتها، أو أنها مفاتيح لفهم الوحدة القرآنية، أو أنها إشارة إلى وجود نسبة معينة لهذه الحروف في سورها ولا يمنع أن يكون ذلك كله مرادا من الاستفتاح بها. والله أعلم.
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ أي هذه آيات القرآن المحكم البين الحكمة، فالقرآن حكيم لاشتماله على الحكمة، والقرآن محكم لخلوه عن الكذب والافتراء والزيادة والنقصان، هذه الآية هي مقدمة هذه السورة، وفيها إشارة إلى الحكمة والإحكام في القرآن، فهو حكيم في اختيار ألفاظه، حكيم في ترتيب كلماته، حكيم في ترتيب آياته في السورة الواحدة، حكيم في ترتيب سوره في المجموعة أو القسم أو فيه كله، حكيم فيما تضمنه من معان وتوجيهات، وتربية وتشريع وتعليم، محكم في هذا كله لا يمكن نقضه، ولا يمكن أن يوجد فيه خلل، فكما أن في هذا الكون حكمة لأنه خلق الله الحكيم، ففي هذا القرآن حكمة لأنه كلام الله الحكيم، وكما أن الحكمة في هذا الكون لا يحيط بها إلا خالقها، فالحكمة في هذا القرآن لا يحيط بها إلا منزل هذا القرآن، وإنما يرى الخلق منها بقدر نور بصائرهم، وإذ كان القرآن حكيما فذلك دليل على أنه من عند الله، وذلك يقتضي من الخلق أن يهتدوا، وهذا هو مضمون السورة التي جاءت الآية الأولى فيها مقدمة لها.
ثم يبدأ المقطع الأول وتعرض الآية الأولى منه عجب الكافرين أن ينزل الله وحيا، ويبعث رسولا مع تعجيبها من هذا العجب فتقول أَكانَ