لاستهموا». والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وكيفية القرعة مذكورة في كتب الفقه والخلاف. واحتج أبو حنيفة بأن قال: إن القرعة في شأن زكريا وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت مما لو تراضوا عليه دون قرعة لجاز. قال ابن العربي:«وهذا ضعيف، لأن القرعة إنما فائدتها استخراج الحكم الخفي عند التشاح؛ فأما ما يخرجه التراضي [فيه] فباب آخر، ولا يصح لأحد أن يقول: إن القرعة تجري مع موضع التراضي، فإنها لا تكون أبدا مع التراضي وإنما تكون فيما يتشاح الناس فيه ويضن به. وصفة القرعة عند الشافعي ومن قال بها: أن تقطع رقاع صغار مستوية، فيكتب في كل رقعة اسم ذي السهم، ثم تجعل في بنادق طين مستوية لا تفاوت فيها، ثم تجفف قليلا، ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر ذلك، ويغطى عليها ثوبه، ثم يدخل يده ويخرج، فإذا أخرج اسم رجل أعطي الجزء الذي أقرع عليه.
٣ - هناك اتجاهان في موضوع المباهلة، هل هي جائزة لإظهار الحق أبدا، أو أنها خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والثاني هو الأقوى. قال الألوسي: «ومن ذهب إلى جواز المباهلة اليوم على طرز ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم استدل بما أخرجه عبد بن حميد عن قيس ابن سعد أن ابن عباس رضي الله عنه كان بينه وبين آخر شئ فدعاه إلى المباهلة».
[فصل في ذكر بعض ما حدث عقيب نزول آية المباهلة]
يقول الألوسي: أخرج البخاري ومسلم «أن العاقب والسيد أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يلاعنهما فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه فو الله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا فقالا له: نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا أمينا فقال: قم يا أبا عبيدة فلما قام قال هذا أمين هذه الأمة». وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء، والضحاك عن ابن عباس «أن ثمانية من أساقفة أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم العاقب والسيد فأنزل الله تعالى فَقُلْ تَعالَوْا الآية فقالوا: أخرنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني قينقاع؛ فاستشاروهم فأشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه، وقالوا: هو النبي الذي نجده في التوراة فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألف حلة في صفر، وألف في رجب ودراهم». وروى أنهم صالحوه على أن يعطوه في كل عام ألفي حلة، وثلاثا وثلاثين درعا، وثلاثة وثلاثين بعيرا، وأربعا وثلاثين فرسا».