لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ قال النّسفي:(لما كانت مجادلتهم في آيات الله مشتملة على إنكار البعث- وهو أصل المجادلة ومدارها- حجّوا بخلق السموات الأرض؛ لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقها، فإن من قدر على خلقها مع عظمها كان على خلق الإنسان مع مهانته أقدر). وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لأنهم لا
يتأملون لغلبة الغفلة عليهم قال ابن كثير في الآية:(يقول الله تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة، وأن ذلك سهل عليه يسير لديه بأنه خلق السموات والأرض، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأخرى)، ولأنّ رؤية هذه المعاني تدلّ على بصيرة القلب، وعدم رؤيتها يدلّ على العمى، ولأن الإيمان بها ينبع عنه العمل الصالح، وعدم الإيمان ينبع عنه العمل السيئ،
قال تعالى وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ أي: كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره، بل بينهما فرق عظيم، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار، والكفرة الفجار قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ أي: تذكرا قليلا تتذكّرون، قال ابن كثير: أي: ما أقلّ ما يتذكّر كثير من الناس،
ثمّ قرّر تعالى: إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ أي: لكائنة وواقعة لا رَيْبَ فِيها أي: لا شك. قال النسفي:(أي: لا بدّ من مجيئها، وليس بمرتاب فيها لأنّه لا بدّ من جزاء لئلا يكون خلق الخلق للفناء).
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ أي: لا يصدّقون بها بل يكذّبون بوجودها
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أي: اعبدوني، أو وحّدوني، أو سلوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ أي:
أثيبكم، أو أغفر لكم، أو أعطكم قال ابن كثير: هذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه أنه ندب عباده إلى دعائه، وتكفّل لهم بالإجابة، ولنا عودة في الفوائد على هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي قال ابن كثير: أي: عن دعائي وتوحيدي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ أي: صاغرين حقيرين.
[نقول]
١ - [كلام صاحب الظلال عن عجائب خلق الله في السموات والأرض بمناسبة الآية (٥٧)]
قال صاحب الظلال عند قوله تعالى: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ والسماوات والأرض معروضتان للإنسان