إربا وهو ثابت على ذلك. وروى الإمام أحمد .. عن أيوب عن عكرمة أن عليا رضي الله عنه حرّق ناسا ارتدّوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس. فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار. إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا تعذبوا بعذاب الله». فبلغ ذلك عليا فقال: ويح أم ابن عباس. رواه البخاري.
وروى الإمام أحمد أيضا ... عن أبي بردة قال: قدم على أبي موسى معاذ بن جبل باليمن، فإذا رجل عنده، قال: ما هذا؟ قال: رجل كان يهوديا فأسلم ثم تهوّد، ونحن نريده على الإسلام منذ- قال: أحسبه- شهرين فقال: والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه. فضربت عنقه فقال: قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه أو قال:
«من بدّل دينه فاقتلوه» وهذه القصة في الصحيحين بلفظ آخر. والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه ولو أفضى إلى قتله. كما ذكر الحافظ بن عساكر في ترجمة عبد الله ابن حذافة السهمي- أحد الصحابة-: أنه أسرته الروم فجاءوا به إلى ملكهم فقال له: تنصّر وأنا أشركك في ملكي، وأزوجك ابنتي، فقال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن دين محمد صلّى الله عليه وسلّم طرفة عين ما فعلت، فقال: إذا أقتلك، فقال: أنت وذاك، قال: فأمر به فصلب، وأمر الرماة فرموا قريبا من يديه ورجليه، وهو يعرض عليه دين النصرانية، فيأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم أمر بقدر- وفي رواية- ببقرة من نحاس فأحميت، وجاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر، فإذا هو عظام تلوح، وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها فرفع في البكرة ليلقى فيها، فبكى، وطمع فيه ودعاه، فقال له: إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة، تلقى في هذه القدر الساعة في الله، فأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله، وفي بعض الروايات أنه سجنه ومنع عنه الطعام والشراب أياما، ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير، فلم يقربه، ثم استدعاه فقال:
ما منعك أن تأكل؟ فقال: أما إنه قد حل لي ولكن لم أكن لأشمتك فيّ، فقال له الملك:
فقبّل رأسي وأنا أطلقك فقال: وتطلق معي جميع أسارى المسلمين؟ قال: نعم. فقبل رأسه، فأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حق على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ. فقام فقبّل رأسه رضي الله عنهما.».
٩ - [كلام ابن كثير بمناسبة الآية إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً .. ]
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً ذكر ابن كثير ما قاله ابن