للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول من سورة الأحزاب يشبه المقطع الأول من سورة النساء في أكثر من مقام: فمثلا قال تعالى في سورة النساء:

وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ... (الآية: ٢).

فالمقطع الأول من سورة النساء فيه تفصيل لأحكام الأسرة، ومن ذلك الإرث، والمقطع الأول من سورة الأحزاب يتحدّث عن أحكام في الأسرة، والإرث، والمقطع الأول من سورة النساء ينتهي بقوله تعالى: أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الآية: ١٨) إذ يأتي بعده مباشرة نداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً (الآية:

١٩). والمقطع الأول من سورة الأحزاب ينتهي بقوله تعالى: وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً ثم يأتي بعده مباشرة نداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا ....

وقبل أن ننتقل إلى المقطع الثاني في سورة الأحزاب فلنذكر بعض الفوائد:

...

[فوائد]

١ - [سبب نزول قوله تعالى ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ .. ]

في سبب نزول قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ ... الآية. قال ابن كثير:

(فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى النبي صلّى الله عليه وسلم، كان النبي صلّى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوّة، فكان يقال له: زيد بن محمد، فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق، وهذه النّسبة بقوله تعالى: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ كما قال تعالى في أثناء السورة ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً. وقال هاهنا ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ يعني:

تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابنا حقيقيا؛ فإنه مخلوق من صلب رجل آخر، فما يمكن أن يكون له أبوان، كما لا يمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان).

وقال ابن كثير: (وقد ذكر غير واحد أن هذه الآية نزلت في رجل من قريش، كان يقال له ذو القلبين، وأنه كان يزعم أن له قلبين، كل منهما بعقل وافر، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليه. وهكذا روى العوفي عن ابن عباس، وقاله مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة، واختاره ابن جرير. وروى الإمام أحمد ... عن قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال: قلت لابن عباس أرأيت قول الله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>