ينشئ هذا الحدث ويبرزه للوجود .. في تناسق تامّ في العقيدة الإسلامية، وفي تصوّر المسلم النّاشئ من حقائق العقيدة .. ».
[كلمة في السياق]
تتألف المجموعة الحادية عشرة التي هي خاتمة الجولة الأولى من المقطع الثاني من سورة الأنعام تتألف هذه المجموعة من آيتين: آية وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ... والآية التالية وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ....
وهاتان الآيتان تعودان بنا إلى بداية المقطع كله لتكونا بمثابة إعادة النهر إلى مجراه الرئيسي، فهما تأتيان نهاية لجولة ومقدمة لجولة أخرى في مقطعهما.
بدأ المقطع بقوله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ثم جرى حوار شامل، ثم عاد المقطع إلى الكلام عن الله بصيغة التقرير:
وتأتي الآية الأولى في الجولة الثانية على نفس الوتيرة: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً وهكذا يعود السياق إلى مجراه الرئيسي
فلنر الآية الثانية في المجموعة الحادية عشرة:
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ. أي:
يقبض أنفسكم عن التصرف بالتّمام في المنام، وفي هذا إخبار عن أنّه يتوفى عباده في منامهم بالليل. وهذا هو التوفي الأصغر وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ. أي: ما كسبتم فيه من الآثام، وهذه جملة معترضة دلّت على إحاطة علمه تعالى بخلقه، في ليلهم ونهارهم، في حال سكونهم وحال حركتهم ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ. أي: ثمّ يوقظكم في النّهار، أو التقدير ثمّ يبعثكم في النهار ويعلم ما جرحتم فيه، فقدّم الكسب لأنّه أهم ولا يعني هذا أنه لا يعلم ما جرحنا بالليل ولا أنه لا يتوفانا بالنهار. فتخصيص الشئ بالذكر لا يدّل على نفي ما عداه لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى. أي: لتوفى الآجال على الاستكمال ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ. أي: ثمّ إلى الله رجوعكم بالبعث بعد الموت ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. أي: في ليلكم ونهاركم ويستدل بالنوم والاستيقاظ بعده على البعث وتفهم من خلال النوم كثير من قضايا عالم البرزخ.