للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان يقال: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وغير واحد، وقال مجاهد أيضا: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا قال: فقلت له: أتبكي الأرض؟

فقال: أتعجب! وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل. وقال قتادة كانوا [أي: قوم فرعون] أهون على الله عزّ وجل من أن تبكي عليهم السماء والأرض).

٤ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ]

بمناسبة قوله تعالى: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ قال ابن كثير: (قال تعالى متهددا لهم ومتوعدا ومنذرا لهم بأسه الذي لا يرد كما حل بأشباههم ونظرائهم من المشركين المنكرين للبعث كقوم تبّع وهم سبأ، حيث أهلكهم الله عزّ وجل، وخرّب بلادهم وشرّدهم في البلاد، وفرقهم شذر مذر، كما تقدم ذلك في سورة سبأ، وهي مصدرة بإنكار المشركين للمعاد، وكذلك هاهنا شبههم بأولئك، وقد كانوا عربا من قحطان، كما أن هؤلاء عرب من عدنان، وقد كانت حمير- وهم سبأ- كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا، كما يقال: كسرى لمن ملك الفرس، وقيصر لمن ملك الروم، وفرعون لمن ملك مصر كافرا، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وغير ذلك من أعلام الأجناس. ولكن اتفق أن بعض تبابعتهم خرج من اليمن وسار في البلاد حتى وصل إلى سمرقند، واشتد ملكه، وعظم سلطانه وجيشه، واتسعت مملكته وبلاده وكثرت رعاياه، وهو الذي مصّر الحيرة، فاتفق أنه مرّ بالمدينة النبوية- وذلك في أيام الجاهلية- فأراد قتال أهلها فمانعوه وقاتلوه بالنهار، وجعلوا يقرونه بالليل، فاستحيا منهم وكفّ عنهم، واستصحب معه حبرين من أحبار يهود كانا قد نصحاه وأخبراه أنه لا سبيل له على هذه البلدة؛ فإنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان، فرجع عنها وأخذهما معه إلى بلاد اليمن، فلما اجتاز بمكة أراد هدم الكعبة، فنهياه عن ذلك أيضا وأخبراه بعظمة هذا البيت، وأنه من بناء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وأنه سيكون له شأن عظيم على يدي ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان، فعظمها وطاف بها وكساها الملإ والوصائل والحبر، ثم كر راجعا إلى اليمن، ودعا أهلها إلى التهوّد معه، وكان إذ ذاك دين موسى عليه الصلاة والسلام، فيه من يكون على الهداية قبل بعثة المسيح عليه الصلاة والسلام، فتهود معه عامة أهل اليمن، وقد ذكر القصة بطولها الإمام محمد بن إسحاق في كتابه السيرة، وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه ترجمة حافلة، أورد فيها أشياء

<<  <  ج: ص:  >  >>