للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: وما يدريكم أيها المؤمنون أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ. أي: أن الآية المقترحة إذا جاءت لا يؤمنون بها، والمعنى: أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون وأنتم لا تعلمون ذلك، وكان المؤمنون يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية، ويتمنون مجيئها، فقال الله تعالى وما يدريكم أنهم لا يؤمنون، على معنى إنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ عن قبول الحق وَأَبْصارَهُمْ عن رؤية الحق عند نزول الآية التي اقترحوها فلا يؤمنون بها، ويمكن أن يكون المعنى: وما يشعركم أنهم لا يؤمنون، وما يشعركم أنّا نقلّب أفئدتهم وأبصارهم، فلا يفقهون، ولا يبصرون الحق كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. أي: كما كانوا عند نزول آياتنا أولا لا يؤمنون بها فكذلك إذا جاءتهم الآيات كما اقترحوا وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.

أي: وندعهم في ظلمهم وما هم عليه يتحيّرون ويمكن أن يكون المعنى: وما يشعركم أنّا نذرهم في طغيانهم يعمهون

وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ حسب اقتراحهم بقولهم لولا أنزل علينا الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى حسب اقتراح آخر قالوا: فأتوا بآبائنا وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ أي:

وجمعنا عليهم كل شئ قُبُلًا. أي: كفلاء بصحة ما بشّرنا به وأنذرنا، وهي جمع قبيل والقبيل الكفيل وفسر الألوسي (قبلا) بقوله: أي مقابلة ومعاينة حتى يواجهوهم كما روى عن ابن عباس وقتادة ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إيمانهم فيؤمنوا وهذا جواب لقول المؤمنين لعلهم يؤمنون بنزول الآية وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ أنّ هؤلاء لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية المقترحة.

فائدة: [حول سبب نزول آية وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ... ]

- يروي ابن جرير سبب نزول قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ..

عن محمد بن كعب القرظيّ قال: كلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قريش فقالوا: يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا. وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة، فأتنا من الآيات حتى نصدّقك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أيّ شئ تحبون أن آتيكم به؟» قالوا: تجعل لنا الصفا ذهبا، فقال لهم: «فإن فعلت تصدقوني؟» قالوا: نعم، والله لئن فعلت لنتبعنّك أجمعون، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو، فجاء جبريل عليه السلام فقال له: ما شئت، إن شئت أصبح الصفا ذهبا، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذّبهم، وإن شئت

<<  <  ج: ص:  >  >>