ثلاث مرات فقال:«أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال صلّى الله عليه وسلم:«إن مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم، فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدو فأقبل لينذرهم، وخشي أن يدركه العدو، قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه، أيها الناس أتيتم، أيها الناس أتيتم» ثلاث مرات، وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «بعثت أنا والساعة جميعا إن كادت لتسبقني» تفرّد به الإمام أحمد في مسنده.
٢ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ]
وبمناسبة قوله تعالى: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ قال ابن كثير: (أي جاء الحق من الله، والشرع العظيم، وذهب الباطل زهق واضمحل كقوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ [الأنبياء: ١٨] ولهذا لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة، جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ويقرأ وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، أي لم يبق للباطل مقالة ولا رئاسة ولا كلمة).
٣ - [نظرة للواقع الذي نعيشه، وإعجاز القرآن الكريم في تصوير الواقع]
إنّ الدعوات الإلحادية في عصرنا قد عمّت وطمّت، وقد ظهر الفكر المادي بأفظع صور الزخرفة والزيف، واستعمل لذلك من أساليب الغواية ووسائل الإعلام الكثير والكبير، وأصبح الإنسان يسمع ويقرأ ألفاظ الهزء والسخرية بالعقلية الغيبية، وبالغيوب التي تحدّث عنها الرّسل عليهم الصلاة والسلام، ولقد أصبح الآن من المعلوم بالبديهة أن عشرات الألوف من الأجهزة تسهر ليلا ونهارا لتحطّم الإسلام ولتنهيه.
إن من أدرك هذا الواقع، ثمّ قرأ قوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ. إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ....
إن من عرف الواقع وتملّى مثل هذه النّصوص، فإنّه لا بدّ أن يحس بالإعجاز القرآني بشكل واضح، فالإحاطة، والبلاغة، ودقّة التصوير، وسلاسة التعبير، واجتماع ذلك كله يجعل الإحساس واضحا بمظاهر الإعجاز.