للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألتكم فلا تعودوا إلى مثلها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ومن حلمه أنه لا يعاقبكم إلا بعد الإنذار

قَدْ سَأَلَها. أي: سأل مثل هذه المسائل قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ من الأمم السابقة ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها. أي: بسببها كافِرِينَ كما حدث لبني إسرائيل، وعرف ذلك منهم

ما جَعَلَ اللَّهُ. أي: ما شرع ذلك، ولا أمر به، ثم بين هذا الذي لم يشرعه ولم يأمر به مِنْ بَحِيرَةٍ البحيرة: الناقة إذا نتجت خمسة أبطن، آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها، وامتنعوا من ركوبها، وذبحها، ولا تطرد عن ماء، ولا مرعى وَلا سائِبَةٍ هي الناقة يسيبونها لآلهتهم، ويعاملونها كالبحيرة في عدم الانتفاع بها، كان الرجل منهم يقول: إذا قدمت من سفري، أو برأت من مرضي فناقتي سائبة وَلا وَصِيلَةٍ هي الشاة إذا ولدت سبعة أبطن، فإن كان السابع ذكرا أكله الرجال، وإن كان أنثى أرسلت في الغنم، وكذا إن كان ذكرا وأنثى، وقالوا وصلت أخاها، فالوصيلة بمعنى الواصلة وَلا حامٍ وهو الفحل إذا نتج من صلبه عشرة أبطن، قالوا قد حمى ظهره فلا يركب، ولا يحمل عليه، ولا يمنع من ماء ولا مرعى وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بتحريمهم ما حرّموا ونسبتهم هذا التحريم إليه وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ فأفعالهم وتصوراتهم لا عقل فيها ولا فهم، ومن جهلهم وعدم عقلهم فإنهم كما قال الله بعد ذلك

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ. أي:

هلموا إلى حكم الله ورسوله بأن هذه الأشياء غير محرمة أو إلى حكم الله مطلقا قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا. أي: كافينا ذلك أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا

يَهْتَدُونَ

. أي: الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي، وإنما يعرف اهتداؤه بالحجّة. وآباء هؤلاء لا علم، ولا هداية، فكيف يكفيهم ما عليه آباؤهم وهم كذلك.

والسياق العام لهذه الفقرة على الشكل التالي:

نهاهم عن السؤال ابتداء، وسمح لهم بالسؤال لاستجلاء الوحي، ثمّ علّل سبب منع السؤال، ثم ابتدأ تبيان حكمه في موضوع تحريم الانتفاع في أنواع من الحيوان، ثم بيّن جهالة الجاهليين في رفضهم الاحتكام إلى الله ورسوله، واتباعهم آباءهم في القضايا غير المعقولة المعنى، والتي تدلّل على الجهل والضلال، كهذه القضية المذكورة في وسط الفقرة، وقد دلّت الآية على أن غير شرع الله لا يقوم على عقل، ولا علم، ولا هداية.

[نقل وتعليق]

[نقل عن صاحب الظلال حول آية .. لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ .. ]

عند قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>