آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ أو لو أويت إلى قوي أستند إليه، وأتمنع به فيحميني منكم لفعلت بكم الأفاعيل، شبه القوي العزيز الذي تمنى نصرته بالركن من الجبل في شدته ومنعته
قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ أي إن ركنك لشديد فنحن رسل ربك، وإذا كانوا رسل الله فلن يصل أعداء الله إلى لوط، ولن يقدروا على ضرره ولذلك قالوا لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ثم قالوا فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أي بطائفة منه أو نصفه وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أي ولا ينظر أحد منكم إلى ما وراءه، ويحتمل أنه أمر بعدم تخلف أحد، ويحتمل بأنه أمر بعدم الالتفات إلى ما يخلف وراءه من أملاك، والأول أقوى إِلَّا امْرَأَتَكَ أي إلا هي فلا عليك ألا تلتفت إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ أي إن الأمر هكذا شأنها شأنهم إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ كأنه قال: متى موعد هلاكهم؟ فقيل له ذلك، وكأنه أراد أسرع من ذلك فقالوا أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ أي حجارة من طين قوية شديدة مَنْضُودٍ أي متتابع، أو مجموع معد للعذاب
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ أي معلمة للعذاب في خزائنه أو في حكمه وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ أي وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه وهكذا انتهى المقطع الثالث:
[فوائد]
١ - في هذه السورة حكى الله عزّ وجل لنا قول سارة قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ وفي سورة الذاريات حكى الله عزّ وجل فعلها فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ كما جرت به عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب.
٢ - بمناسبة قول لوط عليه السلام لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ يروي ابن كثير حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد- يعني الله عزّ وجل- فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه».
٣ - بمناسبة قصة لوط عليه السلام وقومه وما عوقبوا به قال ابن كثير:
(وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس مرفوعا: «من وجدتموه