يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به» وذهب الإمام الشافعي في قول عنه وجماعة من العلماء إلى أن اللائط يقتل، سواء كان محصنا أو غير محصن؛ عملا بهذا الحديث، وذهب الإمام أبو حنيفة أنه يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة، كما فعل الله بقوم لوط.
٤ - وفي هذا المقطع إن في قصة إبراهيم، أو في قصة لوط، مجموعة من آداب الضيافة لا تخفى على المتأمل منها: الاستقبال الطيب للضيف، ومنها التعجيل بالطعام له، ومنها الحرص عليه والدفاع عنه ..
٥ - يذكر ابن كثير كثيرا من الروايات بمناسبة هذا المقطع، كلها مرجعها أهل الكتاب وكما كررنا أكثر من مرة فإن أسفار موسى الخمسة التي تسمى حاليا التوراة أبعد من أن تكون محل ثقة في مجموع نقولها، بل إن قارئها ليحس بالجهد البشري المتأخر في صياغتها كما ذكرنا ذلك أثناء الكلام عن سورة الأعراف، ومن ثم فإنها لا تصلح للاعتماد، وقد يصلح بعضها للاستئناس في تفصيل لا يخالف نصا، مع ملاحظة أنها- لكونها مكتوبة من الروايات الشفهية بعد مئات السنين- دخل عليها تحريف وتبديل وتقديم وتأخير، وإذا نقلنا عنها فإننا ننقل ضمن حدود، ولولا أن رسولنا عليه الصلاة والسلام أذن لنا أن نحدث عن بني إسرائيل ولا حرج ما نقلنا شيئا لأن «أقلام النساخ الكاذبة» كما قال سفر أرميا قد أدخلت نصوصا تتقزز منها النفس، ومن ذلك ما يذكرونه في هذا المكان من زنى لوط بابنتيه- وحاشاه- فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
إذا تذكرنا هذا كله نقول:
إن ما ذكره القرآن عن إبراهيم ولوط عليهما السلام موجود بشكل مضطرب ومختلط في الإصحاح السابع عشر، والإصحاح الثامن عشر، والإصحاح التاسع عشر، من سفر التكوين، وقد أعطانا القرآن الحق مما نستطيع به أن نعرف خطأ الكثير من الكلام المضطرب هناك، وصواب بعضه، فمن الخطأ فيه أنه يذكر أن الرسل الثلاثة أكلوا، مع أن السياق هناك يشعر بأن إبراهيم كان عارفا أنهم رسل الله، فكيف يأكلون وهم ملائكة؟ ولكنها أقلام النساخ الكاذبة، ومن الصواب فيه ذكر ضحك سارة وتعجبها عند ما بشرت بابن «وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه .. فضحكت سارة في باطنها قائلة: أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ».