٢ - في قوله تعالى بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي ليس الأمر كما افتروا وإنما له ملك السموات والأرض ومن فيهن، وهو المتصرف فيهم وهو خالقهم ورازقهم ومقدرهم ومسخرهم ومسيرهم ومصرفهم كما يشاء، والجميع عبيد له وملك له، فكيف يكون له ولد منهم، والولد إنما يكون من شيئين متناسبين، وهو تبارك وتعالى ليس له نظير ولا مشارك في عظمته وكبريائه ولا صاحبة له فكيف يكون له ولد؟ وهو العظيم الذي لا نظير له ولا شبيه له وجميع الأشياء له مخلوقة مربوبة.
٣ - في قوله تعالى كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ فالجميع مقرون له بالعبودية فلا يشذ أحد عن ذلك فمن كان هذا شأنه لا يكون أحد إلا عبد له سبحانه.
٤ - في قوله تعالى بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فمن ابتدع السموات والأرض على غير مثال سبق هو أجل من أن يكون له ولد.
٥ - في قوله تعالى وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه وأنه إذا قدر أمرا وأراد كونه فإنما يقول له (كن) أي مرة واحدة فيكون أي فيوجد على وفق ما أراد بين بذلك أيضا على أن خلق عيسى أو عزير أو الملائكة أو غير ذلك مما زعم الزاعمون أنه ابن لله بكلمة كن فكان، كما أمر الله ومن كان كذلك لا يكون إلا عبدا قال ابن جرير: فمعنى الكلام: سبحان الله أن يكون له ولد وهو مالك ما في السموات والأرض تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية وتقر له بالطاعة وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه. وهذا إعلام من الله لعباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح الذي أضافوا إلى الله بنوته، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته ..
[المعنى الحرفي]
وَقالُوا أشهر القائلين بهذه الفكرة الضالة هم النصارى ولكنها فكرة شائعة عند كل الأمم تقريبا إما بشكل أو بآخر كما سنحقق ذلك في سورة براءة، اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً
قال النصارى: المسيح ابن الله وقال اليهود: عزير ابن الله وقال مشركوا العرب: الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ أي تنزيه له بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ