هناك تشابه واضح بين سورة (الشورى) وسورة (طه). تلحظ هذا التشابه في بدايات السورتين، وتلمحه في بدايات المقاطع: تأمّل بدايتي السورتين: طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى * الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى * لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى.
قرن هذه البداية ببداية سورة الشورى: حم عسق* كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ* تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ ....
إنك تجد تشابها بين البدايتين:
ثمّ لاحظ أن كلمة (كذلك) تتكرّر في سورة طه: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (الآية: ٩٩). وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (الآية: ١١٣).
وأنّ نفس الظاهرة تجدها في سورة الشورى: حم عسق* كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها (الآية: ٧) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا (الآية: ٥٢). من هذا التشابه بين سورتي طه والشورى نستنتج أن محور السورتين واحد، وكما أنّ سورة (طه) بداية مجموعة، فسورة الشورى بداية مجموعة.
وعند الكلام عن كهيعص كنّا ذكرنا أنّ كلّ حرف منها إذا جاء في أوائل سورة فإنّه يكون علامة على بداية مجموعة، أو على نهايتها، تلك قاعدة استخرجناها استقراء من خلال المعاني، وقد كانت سورة طه وياسين وصاد منسجمة مع هذه القاعدة، فكذلك سورة الشورى التي ورد في أوائلها الحرف (ع).