خلال أوصافهم: ولاؤهم لبعضهم، أمرهم بالمنكر، نهيهم عن المعروف، بخلهم عن الإنفاق في سبيل الله، نسيانهم ربهم بترك الصلاة أو بالكسل فيها.
وبعد أن حدد الله صفات المنافقين ذكر ما أعد لهم وللكافرين من العذاب وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ في قوله تعالى (هي حسبهم) ما يدل على عظم عذابها وأنه بحيث لا يزاد عليه وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ أي وأهانهم مع التعذيب، وجعلهم مذمومين ملحقين بالشياطين الملعونين وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ أي دائم معهم في العاجل والآجل لا ينفكون عنه، والعذاب العاجل هو ما يقاسون من تعب النفاق، والظاهر المخالف للباطن؛ خوفا من المسلمين وما يحذرونه أبدا من الفضيحة ونول العذاب إن اطلع على أسرارهم،
وبعد أن وصفهم الله وذكر ما أعده لهم ضرب لهم مثلا فقال كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين من قبلكم، أو فعلتم مثل الذين من قبلكم كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً كانت أجسامهم أمتن، وأعمارهم أطول، وأولادهم أكثر، وجمعهم أكثر فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ أي تلذذوا بملاذ الدنيا، والخلاق: النصيب فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ أي فتلذذتم بحظكم من الدنيا كما تلذذ الذي من قبلكم بحظهم من الدنيا وبعضهم فسر الخلاق هنا بالدين، فيكون استمتاعهم بدينهم جعلهم إياه متعة يتمتعون بها استهزاء ومحل نكتة وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا الخوض: الدخول في الباطل واللهو، والمعنى: وخضتم في اللهو والباطل كالفوج الذي خاضوا، أو كالخوض الذي خاضوه، وإنما قدم فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ مع أن قوله تعالى: كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ مغن عنه ليذم الأولين بالاستمتاع بما أوتوا من حظوظ الدنيا، والتهائهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة، وطلب الفلاح في الآخرة، ثم يشبه بعد ذلك حال المخاطبين بحالهم أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أي بطلت مساعيهم فلا ثواب لهم عليها لأنها فاسدة وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ لأنهم لم يحصل لهم عليها ثواب
أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ أي قوم شعيب وَالْمُؤْتَفِكاتِ أي مدائن قوم لوط ومعنى ائتفاكهن: انقلاب أحوالهن عن الخير إلى الشر أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ أي فما صح منه أن يظلمهم بإهلاكهم؛ لأنه حكيم فلا يعاقبهم بغير جرم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالكفر وتكذيب الرسل، وبعد أن وصف الله المنافقين وجعل مثلهم مثل من قبلهم في الخوض بالباطل والاستمتاع، ولفت نظرهم إلى