للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي فيها نموذج للمؤمن الصادق، الذي يحمل دعوة الله في كل الظروف. ونموذج على كون الكافرين لا يفلتون، ونموذج على نوع من نصر الله للمؤمنين، والآن تأتي قصة شعيب عليه السلام لنرى فيها نموذجا لما يدعو إليه الرسل، ونموذج على كون الكافرين لا يفلتون من عذاب الله:

....

وَإِلى مَدْيَنَ أي وأرسلنا إلى مدين أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ أي وافعلوا ما ترجون به الثواب في العاقبة أو خافوه وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي قاصدين الفساد

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي الزلزلة الشديدة فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ أي بلدهم وأرضهم جاثِمِينَ أي ميّتين، أو باركين على الركب، ميتين. قال ابن كثير متحدثا عن شعيب عليه السلام: (نهاهم عن العيث في الأرض بالفساد: وهو السعي فيها والبغي على أهلها؛ وذلك أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان، ويقطعون الطريق على الناس، وهذا مع كفرهم بالله ورسوله، فأهلكهم الله عزّ وجل برجفة عظيمة، زلزلت عليهم بلادهم، وصيحة أخرجت القلوب من حناجرهم. وعذاب يوم الظلّة الذي أزهق الأرواح من مستقرها، إنه كان عذاب يوم عظيم، وقد تقدمت قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف وهود والشعراء).

وبعد قصة شعيب يحدّثنا الله عزّ وجل عمّا فعل بعاد وثمود وقارون وفرعون وهامان. وفي ذلك مثل على أنّ الكافرين لا يفوتون الله عزّ وجل.

وَعاداً وَثَمُودَ أي وأهلكنا عادا وثمود وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ إهلاكهم مِنْ جهة مَساكِنِهِمْ إذا نظرتم إليها عند مروركم بها وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ من الكفر والمعاصي فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ أي الطريق المستقيم الذي أمروا بسلوكه وهو الإيمان بالله ورسله، والاستسلام لله في حكمه وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ أي عقلاء متمكّنين من النظر، وتمييز الحق من الباطل، ولكنّهم لم يفعلوا، أو كانوا مستبصرين بالمعنى الذي يطلقه الكفرة على أنفسهم بأنّهم مستنيرون، إلا أن استبصارهم لم يكن إلّا في أمر ظواهر الدنيا فقط

وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ أي وأهلكنا هؤلاء وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ أي بالمعجزات والدلائل الواضحات فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>