على شريعة الله. وعلى الدعوة إليها، كما أمرك الله وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ المختلفة الباطلة من الرغبة عن دين الله، والتفرّق عنه، والاجتماع على غيره. أو أهواءهم التي بسببها اختلفوا، وبها وصلوا إلى باطل من القول وزور وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ أي: صدّقت بجميع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، لا نفرّق بين أحد منهم وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ أي: في الحكم كما أمرني الله اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ أي: كلّنا عبيده. قال ابن كثير: أي: هو المعبود لا إله غيره، فنحن نقر بذلك اختيارا، وأنتم وإن لم تفعلوا اختيارا فله يسجد من في العالمين طوعا وإجبارا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ أي: نحن برآء منكم، وإنا لا نؤاخذ بأعمالكم، وأنتم لا تؤاخذون بأعمالنا. لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ أي: لا مجادلة؛ لأن الحق قد ظهر وصرتم محجوجين به، فلا حاجة إلى المحاجّة، ومعناه: لا إيراد حجة بيننا، لأن المتحاجّين يورد هذا حجته وهذا حجته اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا أي: يوم القيامة وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ أي: المرجع لفصل القضاء، فيفصل بيننا وينتقم لنا منكم. قال ابن كثير:
(اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات، كل منها منفصلة عن التي قبلها، حكم برأسها. قالوا: ولا نظير لها سوى آية الكرسي، فإنّها أيضا عشرة فصول كهذه). ولأنّ الدعوة الصافية إلى الله تلقى استجابة، ولأن الكافرين سيحاولون ثني المؤمنين عن هذه الاستجابة، فقد قال الله عزّ وجل في الآية اللاحقة:
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ قال ابن كثير: أي: يجادلون المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله؛ ليصدوهم عمّا سلكوه من طريق الهدى حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي: باطلة عند الله وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ من الله بكفرهم وصدهم عن سبيل الله وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ أي: يوم القيامة.
كلمة في السياق:[المجموعة الأولى حول صلتها بالمقطع الأول ومضمونها الرئيسي]
١ - بدأت المجموعة التي مرّت معنا بذكر الحكمة من إنزال القرآن، وعرّفتنا على الله- عزّ وجل-، وحدّدت لنا مضمون شريعته التي أنزلها في هذا القرآن، وأنزلها من قبل، وذكرت لنا موقف المشركين من هذا المضمون، وما فعل أهل الكتاب الأوائل بهذا المضمون، وما هي حال أهل الكتاب الأواخر، ثمّ ذكرت ما ينبغي أن نقابل به هذه المواقف، ثمّ ذكرت بطلان حجج كل من يقف ضدّ الدعوة إلى الله.