للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يقول: يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم، هذا المكيال وهذا الميزان، وقال: وذكر لنا أن نبي الله عليه الصلاة والسلام كان يقول: «لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله إلا أبدله الله به عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك».

١٠ - [فوائد من قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ]

رأينا أن معنى قوله تعالى: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ هو: ولا تتبع ما ليس لك به علم. وإذا نهينا عن الاتباع، فقد نهينا كذلك عن القول من باب أولى، فلازم النهي عن اتباع ما ليس لنا به علم ألا نتكلم بما ليس لنا به علم ومن ثم فقد فسر بعض المفسرين الآية بمثل هذا. وقد ذكر ابن كثير هذا الاتجاه فقال: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (أي في تفسير قوله تعالى: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ يقول: لا تقل. وقال العوفي عنه: لا ترم أحدا بما ليس لك به علم. وقال محمد بن الحنفية: يعني شهادة الزور، وقال قتادة: لا تقل رأيت ولم تر، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم. فإن الله تعالى سائلك عن ذلك كله، ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم أي بالظن الذي هو التوهم والخيال كما قال تعالى:

اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (الحجرات: ١٢) وفي الحديث:

«إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث». وفي سنن أبي داود: «بئس مطية الرجل:

زعموا» وفي الحديث الآخر: «إن أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا». وفي الصحيح: «من تحلّم حلما كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين وليس بفاعل».

١١ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً]

وبمناسبة قوله تعالى: وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً قال ابن كثير: (بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده كما ثبت في صحيح مسلم: «بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم، وعليه بردان يتبختر فيها، إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة». وكذلك أخبر الله تعالى عن قارون أنه خرج على قومه في زينته، وأن الله خسف به وبداره الأرض. وفي الحديث «من تواضع لله رفعه الله فهو في نفسه حقير وعند الناس كبير، ومن استكبر وضعه الله، فهو في نفسه كبير وعند الناس حقير، حتى لهو أبغض إليهم من الكلب والخنزير». وقال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب (الخمول والتواضع): ... عن أبي بكر الهذلي قال: بينما نحن مع الحسن إذ مرّ عليه ابن الأهيم وعليه جباب خزّ قد نضّد بعضها فوق بعض على ساقه، وانفرج عنها قباؤه وهو يمشي ويتبختر، إذ نظر إليه الحسن نظرة فقال: أف أف، شامخ بأنفه، ثاني عطفه،

<<  <  ج: ص:  >  >>