المعاصرة، فوصل إلى أنه لا يوجد في القرآن نص يمكن امتحانه علميا إلا وهو سابق للعلم، وأنه لا يتناقض مع أي معطيات علمية قطعية على عكس التوراة والإنجيل فيما وصلانا، فإن الكثير مما فيهما لا يثبت أمام المعطيات العلمية، ولقد تكلم في عشرات الأبواب التي تعرض لها القرآن وكانت النتيجة واحدة، وهذا في الحقيقة مظهر من مظاهر الإعجاز في القرآن، ودليل على أن منزله هو الذي يعلم أسرار السموات والأرض: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً يقول موريس بوكاي في مقدمة كتابه: (لقد قمت أولا بدراسة القرآن الكريم وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة، باحثا عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث، وكنت أعرف، قبل هذه الدراسة، وعن طريق الترجمات، أن القرآن يذكر أنواعا كثيرة من الظاهرات الطبيعية، ولكن معرفتي كانت وجيزة وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث.
وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل. أما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتاب الأول- أي سفر التكوين- فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخا في عصرنا.
وأما بالنسبة للأناجيل فما نكاد نفتح الصفحة الأولى منها حتى نجد أنفسنا دفعة واحدة في مواجهة مشكلة خطيرة ونعنى بها شجرة أنساب المسيح. وذلك أن نص إنجيل متى يناقض بشكل جلي إنجيل لوقا، Lue وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمرا لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض).
[كلمة في السياق]
رأينا في مقدمة السورة كيف أن الله عزّ وجل ذكر أنه أنزل هذا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين نذيرا، وقد بدأ هذا المقطع في عرض موقف الكافرين من القرآن، ثم رد عليه، وكنا ذكرنا أن السورة ستتعرض لكيفية استقبال الكافرين للقرآن ولبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وللإنذار، وللدعوة إلى التوحيد وقد رأينا في هذه الآيات موقفا من مواقف الكافرين من القرآن، وردا على ذلك الموقف، والآن يذكر لنا السياق موقفا من