التفسير الحرفي، والفوائد التي نلحقها به. ولنعد إلى السياق، فبعد أن استثنى الله ناسا من الأمر بالقتل والقتال، يذكر الله ناسا يأمر بقتلهم وقتالهم، يشبهون المستثنين في الصورة ويختلفون عنهم في الحقيقة والنية، هؤلاء الذين يأمر الله بقتلهم وقتالهم قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام، ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم، ويصانعون الكفار بالباطن، ومتى وضعوا في أدنى وضع من الفتنة عن الإسلام، دخلوا فى الكفر والشرك وانهمكوا به، وأظهروا إخلاصهم له، بل أصبحوا في صف الكفر إيذاء وقتالا للمسلمين، هؤلاء أمر الله في شأنهم إذا لم يعتزلوا قتال المسلمين، ويعلنوا الإسلام، ويكفوا أيديهم عن إيذاء المسلمين، أن يقتلوا، ولأن هذا الموضوع قد يتحرج منه بعض الناس ختم الله الآية بقوله وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً أي: بينا واضحا. وبعد أن أمر الله هذه الأمة بالقتل والقتال حذر هذه الأمة أن تستجرها جرأتها على قتل أعدائها إلى أن تتجرأ على أن يقتل بعضها بعضا، وكان التحذير شديدا، فقد بين الله- عزّ وجل- في الآيات الأخيرة من هذا المقطع، أنه ليس لمؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه من الوجوه، وإذ كان هذا النهي جازما، والمؤمن في الأصل لا يخالفه، بين تعالى أنه تتصور حالة واحدة من الحالات، يمكن أن يقتل مؤمن مؤمنا، وهي حالة الخطأ. ثم بين أنه في حالة تلبس المؤمن بالقتل الخطأ فماذا يفعل؟ يختلف الحكم بين ما إذا كان هذا المؤمن المقتول خطا من قوم كافرين، بيننا وبينهم ميثاق، أو كان من قوم كافرين ليس بيننا وبينهم ميثاق، فإن كان مؤمنا من قوم بيننا وبينهم ميثاق، فعلى القاتل الدية والكفارة، وإلا فالكفارة دون دية، والكفارة إما عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، تلك توبة القاتل خطا.
أما الذي يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه الخلود في نار جهنم، واستحقاق غضب الله، ولعنته وعذابه الأليم الشديد، ثم يأتي مقطع جديد مرتبط بالمقطع السابق بشكل عام، وبدايته مرتبطة بما قبلها مباشرة وسنرى ذلك.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ الحذر والحذر واحد، والحذر التحرز، وأخذ حذره إذا تيقظ واحترز من المخوف، كأنه جعل الحذر آلته التي يقي بها نفسه، ويعصم بها
روحه، والمعنى: كونوا دائما حذرين، متحرزين، متيقظين من عدوكم وعلى عدوكم. فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً الثبات: واحدها ثبة، وهي الجماعة،