حاتم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: اجتمع أناس من العرب فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكا نعش بجناحه، قال فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبرته بما قالوا، فجاءوا إلى حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته: يا محمد، يا محمد، فأنزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال: فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأذني فمدها فجعل يقول «لقد صدق الله تعالى قولك يا زيد لقد صدق الله قولك يا زيد» ورواه ابن جرير).
٥ - [كلام ابن كثير عن نزول آية .. إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا .. ]
في سبب نزول قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا قال ابن كثير: وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق وقد روي ذلك من طرق، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق وهو الحارث بن أبي ضرار والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها. روى الإمام أحمد عن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به. ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت:
يا رسول الله أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله رسولا إبّان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسوله، فدعا بسروات قومه فقال لهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان وقّت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه، فانطلقوا بنا نأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق (أي: خاف) فرجع حتى أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبعث البعث إلى الحارث رضي الله عنه، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم:
إلى من بعثتم؟ قالوا إليك. قال ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة، وأردت قتله. قال رضي الله عنه: لا والذي بعث محمدا صلّى الله عليه وسلم بالحق، ما رأيته بتة، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: