الله، فإن الله يعوضهم عن ذلك الآخرة. وقد يعطي الله عباده المؤمنين، الدنيا والآخرة.
[المعنى العام]
يخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين، الذين رضوا بها، واطمأنوا إليها، وجمعوا الأموال، ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها مما يرضي الله عنهم. وسخروا من الذين آمنوا، الذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم، وبذلوه ابتغاء وجه الله. فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم. فكانوا فوق أولئك في محشرهم، ومنشرهم، ومستقرهم، ومأواهم. فاستقروا في الدرجات، في أعلى عليين. وخلد أولئك في الدركات، في أسفل سافلين. ومن شأنه جل جلاله أن يرزق من يشاء من خلقه، ويعطيه عطاء كثيرا، جزيلا بلا حصر، ولا تعداد في الدنيا والآخرة.
[المعنى الحرفي]
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا: المزين على الحقيقة؛ هو الله الخالق لكل شئ. وقد زين الحياة الدنيا للكافرين عقوبة لهم، بأن جعل عندهم استعدادا للاستغراق في شهواتها، وبأن سلط عليهم الشيطان، يحسنها في أعينهم، ويحببها إليهم بوساوسه. فيصبحون، ولا يريدون غيرها. وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا: أي وهم يسخرون ممن
لا حظ له فيها. أو ممن يطلب غيرها، وهم أهل الإيمان. وَالَّذِينَ اتَّقَوْا: أي تحققوا بالتقوى حالا وعملا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ: لأن المتقين في جنة عالية. وهم في نار هاوية. وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ: أي بغير تقتير. فمن شأنه جل جلاله أن يوسع على من أراد التوسعة عليهم في الدنيا وفي الآخرة. وإذا وسع على أحد في الدنيا، فإنما ذلك ابتلاء ليستخرج شكر المؤمن ويستدرج الكافر، وإذا ضيق على أحد في الدنيا، فإن كان كافرا فلعله يرجع، وإن كان مؤمنا فليصبر، وليعلم عباده أن التوسعة في الدنيا ليست ملازمة للكرامة.
[فوائد]
١ - الفارق الرئيسي بين أهل الكفر، وأهل الإيمان في الهدف أن الكافر ليس له هدف إلا في الدنيا: مال، شهوات، جاه ... أما المؤمن، فليس له هدف إلا وجه