للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونه والمعنى: إني أشهد الله أني برئ من جميع الأنداد والأصنام، واشهدوا أنتم أيضا أني برئ من ذلك فَكِيدُونِي جَمِيعاً أي أنتم وآلهتكم ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ أي لا تمهلون فإني لا أبالي بكم وبكيدكم، ولا أخاف مضرتكم، وإن تعاونتم علي، وكيف تضرني آلهتكم وما هي إلا جماد لا يضر ولا ينفع؟! وكيف تنتقم مني إذا نلت منها وصددت عن عبادتها بأن تخبلني وتذهب بعقلي؟! وكيف أخاف منكم والله ربي؟! وفي هذا التحدي معجزة

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها أي هي تحت قهره وسلطانه فهو مالكها، ذكر توكله على الله، وثقته بحفظه وكلاءته من كيدهم، ووصفه بما يوجب التوكل عليه من اشتمال ربوبيته عليه وعليهم، ومن كون كل دابة في قبضته وملكه وتحت قهره وسلطانه والأخذ بالناصية:

وهي مقدم الرأس تمثيل لذلك إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي إن ربي على الحق لا يعد عنه أو إن ربي يدل على صراط مستقيم

فَإِنْ تَوَلَّوْا أي إن تتولوا أي تعرضوا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ أي فإن تتولوا عما جئتكم به من عبادة الله وحده والتوبة إليه، فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها، فقوله فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم يفيد في طيه أنه قد ثبتت الحجة عليكم وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ أي ويهلككم الله، ويجئ بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم وَلا تَضُرُّونَهُ بتوليكم شَيْئاً من ضرر بل يعود وبال ذلك عليكم إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ أي رقيب مهيمن، فما تخفى عليه أعمالكم، ولا يغفل عن مؤاخذتكم، فهو شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم، ويجزيهم عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ومن كان رقيبا على الأشياء كلها، حافظا لها، كانت الأشياء مفتقرة إلى حفظه عن المضار، ولا يضر مثلكم مثله

وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا وهو الريح العقيم فأهلكهم الله عن آخرهم نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا أي بفضل منا لا بعملهم، أو بالإيمان الذي أنعمنا عليهم وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ تكرار نجينا للتأكيد، أو إن المراد بالعذاب الغليظ عذاب الآخرة، ولا عذاب أغلظ منه

وَتِلْكَ عادٌ في هذا التعبير إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قال: سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أي كفروا بها وَعَصَوْا رُسُلَهُ جعلهم عاصين لجميع الرسل لأن من كفر بنبي فقد كفر بجميع الرسل وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أي رؤساءهم ودعاتهم إلى تكذيب الرسل، تركوا اتباع رسولهم الرشيد، واتبعوا أمر كل جبار عنيد

وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>