وختمت هذه الفقرة بقوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ .. فدلّ ذلك على أن دخول الجنة منوط بالطاعة في أمر الجهاد وغيره.
٣ - عرضت علينا الفقرة التي مرّت معنا صفات نموذج من الناس لم يؤمن برسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم ينصره ولم ينصر دين الله، والآن تأتي فقرة تحدّثنا عن نموذج آخر، نموذج حقّق قول الله تعالى عزّ وجل: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
٤ - ورد في فواتح هذا المقطع قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ .. وها هي هذه الفقرة تبدأ بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...
*** الفقرة الثانية من المقطع الثاني
[تفسير المجموعة الأولى من الفقرة الثانية]
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ هي بيعة الرضوان وسميت بذلك لهذه الآية. قال ابن كثير: يخبر الله تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وقد تقدم ذكر عدتهم، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ قال النسفي: من الإخلاص وصدق الضمائر فيما بايعوا عليه وقال ابن كثير: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ قال ابن كثير: وهي الطمأنينة
وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
أي: فكافأهم على الخير الذي في قلوبهم بالسكينة في قلوبهم، والفتح والنصر القريب في الدنيا، وفسر ابن كثير الفتح القريب بقوله: وهو ما أجرى الله عزّ وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتّصل بفتح خيبر وفتح مكة،
ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها قال النسفي (هي مغانم خيبر، وكانت أرضا ذات عقار وأموال فقسّمها عليهم) ويفهم من كلام ابن كثير السابق أنها أعمّ من ذلك وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً أي: