للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنوه وَأَتاهُمُ الْعَذابُ أي في الدنيا مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أي من حيث لا يحتسبون، ولا يتوقعون، ولقد رأيناها إذ سلط على أمثال هؤلاء في بلادنا أخلص أتباعهم فساموهم العذاب، وهكذا ضرب الله مثلا لهؤلاء الذين يحتالون كل حيلة في إضلال الناس، وإحالتهم إلى الكفر بكل وسيلة، وبعد أن بيّن ما يفعل بهم في الدنيا بيّن ما يفعل بهم في الآخرة

ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ أي يذلّهم بعذاب الخزي سوى ما عذبوا به في الدنيا، فيظهر فضائحهم، وما كانت تكنّه ضمائرهم وما كانوا يسرونه من المكر فيخزيهم على رءوس الخلائق ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرّعا وموبّخا وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ أي تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم، وتحاربون وتعادون في سبيلهم، أين هم عن نصركم وخلاصكم هاهنا؟ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي في ذلك المقام، والذين أوتوا العلم هم الأنبياء والعلماء الربانيون الذين كانوا يدعون هؤلاء المستكبرين ويعظونهم، فلا يلتفتون إليهم ويشاقّونهم، هؤلاء السادة في الدنيا والآخرة، المخبرون عن الحق في الدنيا والآخرة، هؤلاء يقولون في هذا المقام إِنَّ الْخِزْيَ أي الفضيحة وَالسُّوءَ أي العذاب عَلَى الْكافِرِينَ تغطيهم وتحيط بهم

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أي تقبض أرواحهم ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ بالكفر بالله والإشراك به فَأَلْقَوُا السَّلَمَ أي أظهروا السمع والطاعة والانقياد قائلين ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ متبرءين من أفعالهم، وهل هذا الإلقاء عند الاحتضار، وهذا القول للملائكة عند قبض الروح، أو هو حالهم يوم يبعثون؟ قولان للعلماء بَلى أي كنتم تعملون السوء إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وهل هذا من كلام الملائكة لهم عند قبض الروح، أو من قول العلماء لهم في عرصات القيامة، أو من كلام الله لهم ردا عليهم؟ أقوال للعلماء

فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هذا يرجح أن الإلقاء والقول والردّ كان في عرصات القيامة وإن كان يحتمل قبل ذلك كما سنرى من تعليق ابن كثير على نهاية الآية فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ قال ابن كثير: (أي بئس المقيل والمقام والمكان من دار هوان لمن كان متكبرا عن آيات الله واتباع رسله، وهم يدخلون جهنم من يوم مماتهم بأرواحهم، وينال أجسادهم في قبورها من حرها وسمومها، فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في أجسادهم وخلدت في نار جهنم).

[كلمة في السياق]

لاحظنا في مقدمة هذا المقطع أن كلمة المستكبرين وردت أكثر من مرة قُلُوبُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>