وما يدخل فيها وما يخرج منها. كما تفصل في طريقها الذي هو العبادة، والتوحيد، والإيمان، والعمل الصالح.
[المعنى العام للمقطعين]
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالدخول في شرائع الإيمان، وشعبه، وأركانه، ودعائمه، من باب تكميل الكامل، وتقريره، وتثبيته، والاستمرار عليه. ثم بين تعالى أن الذي يكفر بركن من أركان الإيمان، فقد خرج عن طريق الهدى، وبعد عن القصد كل البعد. ثم أخبر تعالى عمن دخل في الإيمان، ثم رجع عنه ثم عاد فيه، ثم رجع، واستمر على ضلاله وازداد حتى مات. فإنه لا توبة له بعد موت، ولا يغفر الله له، ولا يجعل له مما هو فيه فرجا، ولا مخرجا، ولا طريقا إلى الهدى. وبعد أن ذكر أهل الإيمان، وذكر أهل الكفر بنوعيهم، من كان ابتداء كافرا، ومن كفر بعد إيمان، عقب بوصف المنافقين. ويذكرنا هذا بمقدمة سورة البقرة إذ تتكلم عن المتقين، ثم الكافرين، ثم المنافقين، فسورة النساء وهي التي تفصل في ماهية التقوى، ترسم الطريق ليكون الإنسان من أهل التقوى متطهرا من الكفر والنفاق. بدأ الكلام هنا عن المنافقين، بالأمر بأن يبشرهم رسوله والمؤمنون بالعذاب الأليم. ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. بمعنى أنهم معهم في الحقيقة. يوالونهم، ويسرون إليهم بالمودة. ثم بين تعالى سبب موالاتهم للكافرين: طلبهم بهذه الموالاة العزة، والجاه في الدنيا. ثم أخبر تعالى بأن العزة كلها له وحده، لا شريك له، ولمن جعلها له من أجل أن يهيج القلوب فتطلب العزة من جنابه وحده؛ فتقبل على العبودية له. فينتظم أصحابها في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.
ثم حرم الله الجلوس في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله، ويستهزأ بها فيه. وبين أننا إذا ارتكبنا النهي بعد أن وصل إلينا، ورضينا بالجلوس مع الكافرين والمنافقين في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله، ويستهزأ بها وينتقص منها، وأقررناهم على ذلك، فقد شاركناهم في الذي هم فيه، ومن شارك الكافرين في كفرهم، فقد استحق أن يشركه الله معهم في نار جهنم أبدا. ويجمع بينهم في دار العقوبة، والنكال، والقيود، والأغلال، وشراب الحميم، والغسلين. نفهم من ذلك أن مجالسة الكافرين مع إعلانهم الكفر، واستهزائهم بدين الله مع الإقرار، نفاق. ثم زاد الله المؤمنين بصيرة بالمنافقين، فوصفهم بعد أن وصفهم بمجالسة الكافرين على الحال التي مرت بنا، بأنهم يتربصون