مصعب بن سعد يحدّث عن أبيه سعد قال: نزلت فيّ أربع آيات، فذكر قصته وقال:
قالت أم سعد أليس الله قد أمرك بالبر؟ والله لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أموت أو تكفر، قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها، فنزلت وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً* وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).
٢ - [كلام النسفي بمناسبة قوله تعالى لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ]
بمناسبة قوله تعالى: لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ قال النسفي:
(والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمنى الأنبياء عليهم السلام قال سليمان عليه السلام: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ. [النمل: ١٩] وقال يوسف عليه السلام: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف: ١٠١]، أي: في مدخل الصالحين وهو الجنة).
كلمة في السياق:[حول أصعب الامتحانات التي يمر بها المؤمن المجاهد وكيفية التصرف فيها وصلة ذلك بالمحور]
من أصعب الامتحانات التي يمرّ بها المؤمن المجاهد موقف والديه منه، ومن أصعب الأمور أن يتصرّف التصرف المناسب في مثل هذا الموطن، ومن ثمّ ألزم الله المؤمن هنا بشيئين: الإحسان، وعدم الطاعة في المعصية وهما أمران لا يستطيعهما معا إلا موفّق، ومن ثمّ ذكر الله عزّ وجل في هذا السياق ما أعده لمن آمن وعمل صالحا، وعلى هذا فإن السياق- حتى الآن- يعرض علينا علامات الصدق في الإيمان، وهي الصبر على الامتحان، ورجاء ثواب الله، والجهاد، والعمل الصالح، والإحسان إلى الوالدين، مع الرفض لكل أمر فيه معصية لله، وإذا كان هذا الشأن مع الوالدين، فمن باب أولى أن يكون الأمر كذلك مع غيرهما. إن السورة حتى الآن إذن تعرض علينا في سياقها الرئيسي علامات الصدق في الإيمان بالغيب التي هي الصفة الأولى من صفات المتقين، كما عرضت في مقدّمة سورة البقرة وقد آن الأوان لنتحدّث شيئا ما عن مقدمة سورة البقرة:
عرضت مقدمة سورة البقرة صفات المتقين. ثم تحدثت عن الكافرين.
ثم عرضت صفات المنافقين، وعند ما تكلّمت عن صفات المتقين بدأت بصفة الإيمان الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ.
وعند ما تحدّثت عن المنافقين بدأت بكذبهم في دعوى الإيمان: