للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

طس تِلْكَ إشارة إلى آيات السورة آياتُ الْقُرْآنِ أي معجزات القرآن وَكِتابٍ مُبِينٍ أي وآيات كتاب مبين، أي ومعجزات كتاب بين واضح، وإبانته أنه يبين ما أودع فيه من العلوم والحكم

هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ أي فيه هداية وبشارة، ولكن إنما تحصل الهداية والبشارة منه لمن آمن به واتبعه، وصدقه وعمل بما فيه، وأقام الصلاة المكتوبة، وآتى الزكاة

المفروضة، وأيقن بالدار الآخرة، وبالبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال، خيرها وشرها، والجنة والنار.

ومن ثم وصف الله المؤمنين الذين لهم في القرآن هداية وبشارة فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ أي يديمون المحافظة على فرائضها وسننها وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ أي ويؤدون زكاة أموالهم وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ قال النسفي: وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة ... ) ثم علل النسفي لهذا التفسير من جهة اللغة والإعراب كما سنرى في الفوائد.

[نقول]

قال صاحب الظلال: (وفي تخصيص المؤمنين بالهدى والبشرى تكمن حقيقة ضخمة عميقة .. إن القرآن ليس كتاب علم نظري أو تطبيقي ينتفع به كل من يقرؤه ويستوعب ما فيه. إنما القرآن كتاب يخاطب القلب، أول ما يخاطب، ويسكب نوره وعطره في القلب المفتوح، الذي يتلقاه بالإيمان واليقين، وكلما كان القلب نديا بالإيمان زاد تذوقه لحلاوة القرآن، وأدرك من معانيه وتوجيهاته ما لا يدركه منه القلب الصلد الجاف، واهتدى بنوره إلى ما لا يهتدي إليه الجاحد الصادف. وانتفع بصحبته ما لا ينتفع القارئ المطموس. وإن الإنسان ليقرأ الآية أو السورة مرات كثيرة، وهو غافل أو عجول فلا تفضي له بشيء، وفجأة يشرق النور في قلبه، فتتفتح له عن عوالم ما كانت تخطر له ببال. وتصنع في حياته صنع المعجزة في تحويله من منهج إلى منهج، ومن طريق إلى طريق.

...

وكل النظم والشرائع والآداب التي يتضمنها هذا القرآن، إنما تقوم قبل كل شئ على الإيمان. فالذي لا يؤمن قلبه بالله، ولا يتلقى هذا القرآن على أنه وحي من عند الله

<<  <  ج: ص:  >  >>