للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرة فمشى فقال: إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد، فوجد قوما قد سبقوه، فلعنهم يومئذ. ويشهد لها أيضا ما رواه مسلم أيضا ... عن عمار بن ياسر قال: أخبرني حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في أصحابي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها، حتى يلج الجمل في سم الخياط: ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة، سراج من نار، يظهر بين أكتافهم حتى ينجم في صدورهم» ولهذا كان حذيفة يقال له صاحب السر الذي لا يعلمه غيره- أي من تعيين جماعة من المنافقين وهم هؤلاء- قد أطلعه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره، والله أعلم. وقد ترجم الطبراني في مسند حذيفة تسمية أصحاب العقبة ثم روى .. عن الزبير بن بكار أنه قال: هم معتب بن قشير، ووديعة بن ثابت، وجد بن عبد الله بن نبتل بن الحارث من بني عمرو بن عوف، والحارث بن يزيد الطائي، وأوس بن قيظى، والحارث بن سويد، وسعد بن زرارة، وقيس بن فهد، وسويد وداعس من بني الحبلى، وقيس بن عمرو بن سهل، وزيد بن اللصيت، وسلالة ابن الحمام، وهما من بني قينقاع أظهروا الإسلام.

وبعد أن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد المنافقين، وذكر موقفا من مواقفهم التي تهيج على جهادهم، يستمر السياق في عرض مواصفاتهم، وخصائصهم، وسماتهم:

وَمِنْهُمْ أي ومن المنافقين مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ أي المال لَنَصَّدَّقَنَّ أي لنتصدقن أي لنخرجن الصدقة منه وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ بشكره بالإيمان والعمل الصالح على ما آتانا

فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي أعطاهم الله المال ونالوا مناهم بَخِلُوا بِهِ أي منعوا حق الله ولم يفوا بالعهد وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ أي أعرضوا عن طاعة الله وهم مصرون على هذا الإعراض

فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ أي فأورثهم البخل نفاقا متمكنا في قلوبهم، لأنه كان سببا فيه، فما أفظع العقاب، فليحذر أهل الإيمان من عمل يترتب عليه العقاب بالنفاق إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ أي أورثهم البخل نفاقا إلى يوم يلقونه جزاء فعلهم وهو يوم القيامة، ويمكن أن يكون المعنى: فأعقبهم هذا الطبع نفاقهم إلى يوم يلقون الله، ويمكن أن

يكون فأعقبهم الله جزاء على فعلهم نفاقا إلى يوم يلقونه يوم القيامة بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ أي بسبب إخلافهم ما وعدوا الله من التصدق والصلاح وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ أي وبسبب كونهم كاذبين وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الإخلاف في الوعد والكذب علامتي

<<  <  ج: ص:  >  >>