مبتغيا في ذلك رضوان الله. وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ: إذ ييسرهم لهذا المقام، ويلطف بهم ليتحققوا به، ويثيبهم على ذلك.
[فائدة]
أخرج ابن جرير عن نوف البكالي- وكان ممن يقرأ الكتب، قال: «إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل: قوم يحتالون على الدنيا بالدين. ألسنتهم أحلى من العسل. وقلوبهم أمر من الصبر. يلبسون للناس مسوك (أي جلود) الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب. يقول الله تعالى: فعلي يجترءون، وبي يغترون حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران» قال القرطبي: تدبرتها في القرآن، فإذا هم المنافقون. فوجدتها: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ....
وبهذه الآيات ينتهي القسم الثاني من أقسام سورة البقرة. ونلاحظ تشابها بينها وبين نهاية مقدمة السورة. ونهاية القسم الأول. ونلاحظ أنه ذكر في الفقرة الأخيرة صنفان من الناس، منافق ومؤمن. وفي مقدمة سورة البقرة ذكر: مؤمن، وكافر، ومنافق.
فإذا تذكرنا المجموعة الأخيرة في القسم الثاني: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً: وهي في الكافرين. أدركنا مظهرا من مظاهر التكامل والتناسق في السورة إذ ذكرت هذه الفقرة منافقا ومؤمنا فقط وبانتهاء القسم الثاني نصل إلى القسم الثالث الذي يبدأ بالأمر بالدخول في الإسلام كله، بعد أن وضعت السورة كل الأسس التي يحتاجها بناء الإسلام.
[كلمة في القسم الثاني وما سبقه من السورة]
لقد أكمل القسم الثاني معاني القسم الأول، ومعاني مقدمة سورة البقرة فتكاملت المعاني في المقدمة والقسمين لتوصلنا إلى القسم الثالث، ومن مظاهر هذا التكامل أنه بانتهاء القسم الثاني مرت معنا أركان الإسلام الخمسة وهي في العقائد والعبادات، وإذ كانت العبادات لا تقبل بلا أكل الحلال فقد مر معنا شئ عن أكل الحلال، وإذ كانت العقائد والعبادات هي أساس الاستقامة وإذ كان الشيطان بالمرصاد لسالك طريق الاستقامة؛ فقد جاء التعريف بخطوات الشيطان والنهي عنها، وإذ كان يخشى على هذه