للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ قال ابن كثير: (وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم في تسخيره الليل بظلامه، والنهار بضيائه ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان، ثم يأخذ من هذا في هذا فيطول هذا ويقصر هذا، ثم يتقارضان صيفا وشتاء) وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لصالح هذا الإنسان كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أي إلى يوم القيامة ذلِكُمُ أي الذي فعل هذا اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لأنه هو الخالق وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ أي من الأصنام والأنداد ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ القطمير: هي القشرة الرقيقة الملتفة على النواة، أي لا يملكون من السموات والأرض شيئا، ولا بمقدار هذا القطمير

إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ لأنها جماد لا أرواح فيها وَلَوْ سَمِعُوا على سبيل الفرض مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ لأنهم لا يقدرون على شئ مما تطلبون منها وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ أي بإشراككم لهم وعبادتكم إياهم، ويتبرءون منكم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ قال ابن كثير: (أي ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه مثل خبير بها. قال قتادة: يعني نفسه تبارك وتعالى، فإنه أخبر بالواقع لا محالة). وقال النسفي: (ولا ينبئك أيها المفتون بأسباب الغرور كما ينبئك الله الخبير بخفايا الأمور، وتحقيقه ولا يخبرك بالأمر مخبر هو مثل خبير عالم به، يريد أن الخبير بالأمر وحده هو الذي يخبرك بالحقيقة دون سائر المخبرين به، والمعنى: أن هذا الذي أخبرتكم به من حال الأوثان هو الحق لأني خبير بما أخبرت به).

[كلمة في المقطع الثاني وسياقه وسياق السورة]

١ - بدأ المقطع بالنهي عن الاغترار بالدنيا، والتحذير من تغرير الشيطان، ثمّ نفّر من الكفر، ومن طلب العزة الباطلة، ومن الشرك، مما يشير إلى أن هذه الأشياء من مظاهر الاغترار بالدنيا، والوقوع في تغرير الشيطان، ورغّب في الإيمان والعمل الصالح، والكلم الطيب، والشكر، هذه مظاهر طلب الله والدار الآخرة. فالمقطع حدّد للمسلم جوانب عملية للسير في طريق الشكر.

٢ - يلاحظ أن المقطع انتهى بالكلام عن التوحيد إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ ... فكل ما قبله كان يخدم هذه النتيجة وهو نفس المعنى الذي صبّ فيه المقطع الأول اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وهو المعنى الذي قدمت له مقدمة السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>