قدم الألوسي لسورة الانفطار بقوله:(وتسمى سورة انفطرت، وسورة المنفطرة.
ولا خلاف في أنها مكية. ولا في أنها تسع عشرة آية. ومناسبتها لما قبلها معلومة).
وقدم صاحب الظلال لهذه السورة بقوله: (تتحدث هذه السورة القصيرة عن الانقلاب الكوني الذي تتحدث عنه سورة التكوير، ولكنها تتخذ لها شخصية أخرى، وسمتا خاصا بها، وتتجه إلى مجالات خاصة بها تطوف بالقلب البشري فيها؛ وإلى لمسات وإيقاعات من لون جديد. هادئ عميق. لمسات كأنها عتاب. وإن كان في طياته وعيد!.
ومن ثم فإنها تختصر في مشاهد الانقلاب، فلا تكون هي طابع السورة الغالب- كما هو الشأن في سورة التكوير- لأن جو العتاب أهدأ، وإيقاع العتاب أبطأ. وكذلك إيقاع السورة الموسيقي. فهو يحمل هذا الطابع. فيتم التناسق في شخصية السورة والتوافق!
إنها تتحدث في المقطع الأول منها عن انفطار السماء وانتشار الكواكب، وتفجير البحار وبعثرة القبور كحالات مصاحبة لعلم كل نفس بما قدمت وأخرت، في ذلك اليوم الخطير ..
وفي المقطع الثاني تبدأ لمسة العتاب المبطنة بالوعيد، لهذا الإنسان الذي يتلقى من ربه فيوض النعمة في ذاته وخلقه، ولكنه لا يعرف للنعمة حقها. ولا يعرف لربه قدره، ولا يشكر على الفضل والنعمة والكرامة: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ.
وفى المقطع الثالث يقرر علة هذا الجحود والإنكار. فهي التكذيب بالدين- أي:
بالحساب- وعن هذا التكذيب ينشأ كل سوء وكل جحود. ومن ثم يؤكد هذا الحساب توكيدا، ويؤكد عاقبته وجزاءه المحتوم: كَلَّا. بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ* وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ* إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ* يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ* وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ..
فأما المقطع الأخير، فيصور ضخامة يوم الحساب وهوله، وتجرد النفوس من كل