الشياطين لا سلطان لهم على المؤمنين الذاكرين. وأن الشيطان مع المؤمن إذا ذكر الله خنس وتوارى، وإذ غفل برز فوسوس له، وأن المؤمن أقوى بالذكر من كيد الشيطان الضعيف. وأن عالم الجن يحشر مع عالم الإنس؛ ويحاسب؛ ويجازى بالجنة وبالنار، كالجنس الإنساني. وأن الجن حين يقاسون إلى الملائكة يبدون خلقا ضعيفا لا حول لهم ولا قوة».
[كلمة في الآيتين]
الآيتان اللتان مرّتا معناهما الآيتان الأوليان في مجموعتهما وهما ترتبطان بما قبلهما بروابط شتى:
١ - فهما تكمّلان ذكر سنن الله في الصوارف عن الهداية:
ففي مقدمة الفقرة عرفنا أن من سنن الله أن يقلّب قلوب وأبصار الذين تقوم عليهم الحجة ابتداء ويرفضونها، وفي هاتين الآيتين يبين الله- عزّ وجل- أن من الصوارف عن الإيمان إيحاءات الإنس والجن، وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة والذين يقترفون المعاصي يسمعون لهذه الإيحاءات، وإذن فليست قلة الآيات سبب عدم الإيمان، وإنما هي المعاصي والكفر بالآخرة والتمرّد على الله ورفض الحجة.
٢ - يرى بعضهم أن كلمة (وكذلك) في الآية الأولى من المجموعة معطوفة على قوله تعالى: كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ في الآية السابقة على الفقرة، ذكر ذلك الألوسي، فالآية على هذا ترتبط بما قبلها من حيث إنّها تعرض بعض سنن الله- عزّ وجل- كما عرضت آية سابقة والألوسي يرجح أن (وكذلك) في الآية كلام مبتدأ مسوق لتسلية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمّا يشاهد» فهي تعزية له على طلب الآيات من الكافرين وتعليقهم الإيمان عليها
١ - وصف الله- عزّ وجل- ما يوحي به شياطين الجن والإنس ب (زخرف القول غرورا) ولو أنك تأملت ما تقذف به المطابع في العالم وما يقوله الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر من فلسفات وآراء، لوجدته كلاما مزخرفا فارغا، ظاهره غرور وباطنه فراغ، فليحذر المسلم أن يصغي بقلبه لكلام الذين لا يؤمنون بالآخرة.
٢ - بمناسبة قوله تعالى: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ... يذكر ابن كثير حديثا